كان الجيولوجي الأميركي ماكس ستينكي هو أول من اكتشف النفط بالمملكة ، واستطاع هذا المهندس الذي عمل في مجال التنقيب عن النفط لمدة تقرب من ثلاثة عشر عامًا في كندا وأميركا أن يصل للذهب الأسود ، وكانت شركة سوكال هي التي حصلت على امتياز التنقيب عن النفط على مساحة 930 ألف كيلو متر مربع من الأراضي السعودية في مايو 1933م .وقد أوفدته الشركة للعمل بالمملكة لكي يقود اعمال البحث و التنقيب عن وجود النفط في منطقة الدمام ، وفي عام 1936م تحول اسم الشركة إلى أرامكوا بدلًا من سوكال ، حيث تم تعيين ماكس ستينكي كبيرًا للجيولوجيين في شركه كاسوك (أرامكو) تلك الشركة المكلفة بأعمال التنقيب عن النفط في المملكة .وقد بدأت القصة حينما أمر ماكس ستينكي العاملين بالحقل رقم 6 بمنطقة الدمام بالتوقف عن الحفر ، والقيام بالحفر في منطقة أخرى وهي الحقل رقم 7 الموجود بنفس المنطقة لكن هذا الأمر لم ينجح في البداية ، وكادت الشركة أن توقف العمل بالحقل رقم 7 بالدمام وتتجه إلى مكان جديد ، ولكن ماكس ستينكي نجح في أن يقنع رؤسائه في الشركة الأم وهي شركه (كاسوك) أن تواصل الحفر في حقل الدمام رقم 7.وأن يواصلوا الحفر إلى أعماق أكثر بكثير من المعتاد وهذا ما حدث بالفعل ونجحت خطته ، حيث تدفق النفط بكميات كبيرة من هذا الحقل بعد أن وصل الحفر إلى عمق يصل إلى1440 مترًا في عام 1938م في الأسبوع الأول من شهر مارس ، حتى وصل إنتاج الحقل إلى 3 آلاف برميل يوميًا في نهاية مارس من نفس العام .وفي عام 1940م وصل إنتاج الحقل إلى 12 ألف برميل يوميًا ، ولكن تقرر إغلاق هذا الحقل نهائيًا عام 1982م بعد أن أنتج نحو 32 مليون برميل من النفط ، و بعد ذلك توصل الجيولوجي الرائد ماكس ستينكي إلى دلائل على وجود النفط في حقل بقيق ، هذا المكان يبعد عن حقل الدمام بمسافة 50 كلم.فأمر بإجراء عملية الحفر فيه وبالفعل تدفق منه النفط بكميات كبيرة للغاية ، وهذا الحقل يحتوي حاليًا على احتياطي ضخم يقترب من 12 مليار برميل ، وهنا تيّقن الجيولوجي الأمريكي أن رمال المملكة غنية بالثروات النفطية ، فوقعت حكومة المملكة اتفاقية تتضمن توسعة مساحه التنقيب مع شركة سوكال لكي تصل من 930 ألف كلم مربع إلى 1.14 مليون كلم مربع .وفي المقابل تحصل المملكة على 140 ألفًا من الجنيهات الذهبية ، كما تحصل أيضًا على 25 ألف جنيه إسترليني كبدل لإيجار سنوي مستحق على الشركة بالإضافة إلى 100 ألف جنيه إسترليني عن كل حقل نفطي جديد يتم التنقيب عنه .واستمر الجيولوجي ماكس ستينكي بالعمل في منصبه في شركة أرامكو كرئيسًا للجيولوجيين فترة طويلة ، لذا انضمت له زوجته وأولاده لكي يعيشوا معه بالمملكة ، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية جاهد بكل ما يمكنه وبذل مجهودًا كبيرًا لكي يحمي آبار النفط السعودية من أي هجوم غادر من دول المحور .ولكن في عام 1950م تدهورت صحة الجيولوجي الكبير ماكس ستينكي ، فعاد إلى موطنه الأصلي أميركا لكي يتلقى العلاج بها ، ولكنه توفي بولاية كاليفورنيا بمدينته لوس إلتوس الأمريكية عن عمر يناهز 54 عامًا في سنة 1952م ، حيث قدم فيهم للملكة اكتشافات بترولية ما زالت تشهد على عبقريته في الحفر والتنقيب .وفي مجمع الظهران بمقر شركة أرامكو سميت قاعة باسمة وذلك تقديرًا لجهود ماكس ستينكي بالمملكة وهي قاعة ضيافة راقية ، كما حصل على جائزة باورز عن الجمعية الأمريكية لجيولوجيي النفط عام 1951م ، وأيضًا تم منح ستينكي درجة الأستاذية في مدرسة علوم الأرض من جامعه ستانفورد ، وسيظل التاريخ يخلد سيرة هذا الجيولوجي المعطاء ويشهد له بمجهوداته في المملكة .