كانت القارة الأوروبية في العصور الوسطى مسرح لكثير من الحروب والصراعات ، ومن أشهر هذه الحروب هي حرب الوردتين (WARS OF ROSES) ، وهي حرب أهلية استمرت لمدة ثلاثة عقود (1455م – 1485م) بين عائلتين إنجليزيتين حول أحقية كل منهما بعرش إنجلترا وهما أسرتي لانكاستر وأسرة يورك .
وكان أول من أطلق مسمى حرب الوردتين هو الأديب الإنجليزي ويليام شكسبير في مسرحيته الشهيرة هنري السادس ، وذلك لأن شعار كلا من الأسرتين المتحاربتين هي الوردة البيضاء والوردة الحمراء.
أسباب الحرب : تنحدر عائلتين لانكاستر ويورك من سلالة ملكية واحدة وهي أسرة بلانتجينت ، بدأت الحرب في عهد الملك هنري السادس والذي ورث العرش وهو طفل ذو تسعة أشهر بعد الوفاة غير المتوقعة لوالده الملك ، هنري الخامس عام 1422م ، كان الوصي عليه هو عمه جون لانكاستر ، وقد تم تتويجه كملك لانجلترا عام 1435م .
بعد وفاة جون لانكاستر ، أحاط الملك مجموعة من المستشارين المحبين للخصام ، وكان من بينهم عمه همفري لانكاستر ، والذي كان يتودد للملك لأسباب شخصية ، وكان الملك هنري الثاني يصاب بنوبات من الجنون قد ورثها عن جده لوالدته ، ولذلك لم يستطع فرض سيطرته وخاصة على النبلاء الذين أظهروا عدم احترام للسلطة الملكية والقانون .
وفي عام 1453م أصيب الملك بنوبة جنون كاملة ، فتم تعيين ريتشارد دوق يورك وصيا عليه ، ولكن في عام 1455م حين شفي هنري من مرضه ، أجبر ريتشارد على الخروج من البلاط الملكي ، بأمر من مارجريت الأنجوية زوجة الملك هنري ، والتي كانت هي القائد الفعلي للانكاستريين .
في 22 مايو 1455م قاد ريتشارد دوق يورك جيشه الصغير متوجها نحو لندن ، بهدف إزالة المستشاريين الفاسدين للملك ، قابل ريتشارد جيش الملك هنري في مدينة سانت ألبانز والتي تبعد 22 ميلا شمال لندن ، وكانت تلك هي أولى معارك حرب الوردتين ، وتم هزيمة الانكاستريين في تلك المعركة ، وقتل عدد من قادة لانكاستر ، بعد المعركة وجد الملك مختبئًا في محل دباغة ومصاب في رقبته ، وقد عاوده مرضه العقلي .
استعاد الانكاستريين وحلفاؤهم نفوذهم في البلاط بسبب تدهور حالة الملك ، تاركين مارجريت جانبًا لتعتني بزوجها الملك ، بعدما شفي الملك هنري أزاح الدوق يورك من منصبه كوصي على العرش في شهر فبراير من عام 1456م ، وسافر الملك وزوجته إلى منطقة ميدلاندز ، وأقاما بلاطًا ملكيًا في كوفتنري وقام رئيس الأساقفة بعقد صلح بين العائلتين في عام 1458م .
اندلع القتال مجددًا بين الأسرتين عام 1459م على أثر تصرفات أحد النبلاء ، وهو وارويك وكان من حلفاء الدوق ريتشارد يورك ، ووقعت معركة بلور هيث في ستافوردشاير ، ثم معركة جسر لودفورد وفي تلك المعركة انشقت مجموعة من جيش اليوركيين ، وأنضمت إلى جيش الانكستريين ، وخسر ريتشارد وعاد إلى ويلز .
وفي عام 1460م دارت معركة نورثهامبتون ، والتي انتصر فيها اليوركيين وتم أسر الملك هنري ، وطالب ريتشارد بحقه في العرش لكن البرلمان لم يوافق ، وتوصلوا لقانون الوفاق الذي يجعل ريتشارد يورك يرث العرش بعد وفاة الملك هنري السادس .
هربت الملكة مارجريت وابنها إلى اسكتلندا وطلبت من الملكة مساعدتها فوافقت ومنحت مارجريت جيشا ، واحتشد اللانكستاريين بالقرب من مدينة يورك ، ووقعت معركة ويكفيلد وقتل ريتشارد يورك ، ورس إدوارد مارس ابن ريتشارد يورك بموجب قانون الوفاق ، الوصاية على العرش ، وقد توجه البرلمان ملكًا في شهر مارس 1461م ولقب نفسه بإدوارد الرابع .
وفي عام 1464م نشب خلاف بين الملك إدوارد ومستشاره وارويك ، فجمع وارويك أعوانه وحارب الملك لأنه أراد أن يعيد الملك هنري السادس ، ولكنه خسر في معركة بارنيت عام 1471م وقتل وارويك ، وفي نفس العام وقعت معركة توكسبوري والتي أعدم فيها قائد جيش لانكاستر إدوارد وستمنستر ، وبعده بعدة أيام قتل الملك هنري السادس وانتهى حكم أسرة لانكستر .
بعد أن عم السلام لفترة توفى الملك إدوارد الرابع عام 1483م ، فقام أخيه بالاستيلاء على الحكم ولقب نفسه بريتشارد الثالث ، ثم ظهر قريب لعائلة لانكاستر من ناحية الأم يدعى هنري تيودور ، وفي عام 1485م وقعت معركة بوسوورث ، وقتل الملك ريتشارد ، وبذلك انتهى حكم أسرة يورك وبدأ حكم أسرة تيودور وأنتهت حرب الوردتين حيث تزوج هنري تيودور من ابنة إدوارد الرابع .