معركة دير العاقول هي المعركة التي اندلعت بين الخلافة العباسية والقوات الصفارية التي كانت تحت قيادة الأمير يعقوب بن الليث خلال عام 876م ، وقد وقعت أحداثها ببلدة دير العاقول الواقعة على بُعد نحو 80 كم جنوب غرب بغداد ، وكانت هذه البلدة تُعد الأكثر أهمية على حدود نهر دجلة بين واسط وبغداد .
الخلفية التاريخية : كانت الخلافة العباسية تعيش حالة من الاضطراب منذ أن تم اغتيال الخليفة المتوكل خلال عام 861م ، وكانت القوات التركية تبذل جهدًا عظيمًا حتى لا تنفلت الأمور من أيديهم ، لدرجة أن بعض الخلفاء قد ماتوا بطرق عنيفة ، لأن الأتراك كانوا لا يقبلون بأي خليفة يعارض مطالبهم .
وقد كانت فترة ضعف الخلافة العباسية فرصة جيدة لمجموعات مختلفة في أنحاء الإمبراطورية ، حيث سنحت لهم الفرصة السيطرة على بعض المناطق ، مثلما قام القائد التركي أحمد بن طولون بالإعلان عن سيطرته على مصر خلال عام 868م ، بينما كان هناك خطر كبير يهدد الخلافة في بلاد فارس ، والذي كان يتمثل في الصفاري يعقوب بن الليث الصفار ، الذي توسع في حدود الإمبراطورية بشكل كبير حيث فرض سيطرته على معظم أجزاء شرق ووسط إيران وبعض المناطق في أفغانستان .
وقد بدأت المصالحة في سامراء بين الخلافة العباسية والأتراك في عهد المعتمد على الله ، والتي تسبب فيها هو شقيق المعتمد الذي يُدعى “الموفق” ، حيث كان يمتلك علاقات جيدة مع قادة الأتراك ، ولكن الخلافة العباسية كانت مضطربة نتيجة التهديد المتمثل في الصفاريين الذين تمكنوا من السيطرة على بلاد فارس حتى وصلوا إلى الحدود العراقية .
كان الصفاري يعقوب بن الليث يمثل الخطر الأكبر ، لذا عرض عليه الخليفة المعتمد أن يحكم بلاد فارس وخراسان وطبرستان والري وجرجان ، كي يأمن قوته ، ولكن يعقوب أدرك مدى ضعف الخلافة من خلال هذا العرض ، وهو ما جعله يرفضه ، وشعر أتراك سامراء أن يعقوب يُشكل تهديدًا على مصالحهم ، وقد أعلن الخليفة أن يعقوب عدوًا رسميًا له ، ثم أعلن عليه الحرب .
سافر الخليفة من سامراء إلى بغداد ، ثم أقام معسكرًا هناك ، ثم اتجه يعقوب على رأس جيشه عبر خراسان ، وفي تلك الآونة قام أحد القادة من جيش الخليفة بالانشقاق عن الجيش ليلتحق به عند دخوله العراق ، حتى وصل الصفاريون إلى منطقة دير العاقول ، ثم التقى الطرفان هناك يوم الثامن من نيسان لعام 876م .
المعركة : كان جيش يعقوب يُقدر بنحو عشرة آلاف جندي ، ولكن العباسيون تفوقوا عليهم عدديًا ، وقد كان مركز الجيش العباسي تحت قيادة الموفق ، بينما قاد موسى بن بغا الجناح الأيمن ، وكان مسرور البلخي هو قائد الجناح الأيسر ، وقد قام العباسيون بتوجيه الدعوة الأخيرة للصفاريين كي يعودوا بولائهم إلى الخلافة ، غير أنهم رفضوا لتبدأ المعركة الطاحنة .
امتنع جيش الصفاريون عن قتال الجيش العثماني بعض الشيء ، ولكن وقع القتال الذي كانت خسائره فادحة بالنسبة للطرفين ، حيث قُتل الكثيرون من القادة العباسيين والصفاريين ، وعلى الرغم من إصابة يعقوب إلا أنه لم يترك ساحة القتال ، ثم وصلت بعض الإمدادات إلى الجيش العثماني مع اقتراب المساء .
تمكن العباسيون من إضرام النيران بقافلة الأمتعة الخاصة بالصفاريين ، حتى فقد الصفاريون قدرتهم على المواصلة ، مما جعلهم يهربون من المعركة ، على الرغم من بقاء يعقوب وحراسه في الساحة ، وكان انسحاب الجيش الصفاري صعبًا لأن الخليفة كان قد أغرق الأراضي خلفهم قبل البدء في المعركة ، مما أدى إلى غرق الكثيرين من الصفاريين أثناء الانسحاب ، وتمكن الموفق من الاستيلاء على الأمتعة الخاصة بيعقوب .
نتائج المعركة : تمكن العباسيون من إيقاف تقدم الصفاريين وخاصة خطر تهديد يعقوب على الخلافة ، حيث لم يستطع أن يقوم بأي حملات أخرى بعد هذه المعركة على العراق ، وقد توفي يعقوب بعد هذه الأحداث بثلاثة أعوام ، ثم حدث اتفاق سلام بين الخلافة العباسية والصفاريين ، حتى تمكن العباسيون من فرض السيطرة على العديد من الأقاليم ، ثم عادت بلاد فارس ومصر تحت السيطرة العباسية .