كان الحاكم في حالة احتضار حين طلب حضور ابنه على عجل ، و حين وصوله ألقى إليه والده نظرات حادة و بوجه عبوس خاطبه : " بني لا أعلم ما أقول ، لقد ظلمت شعبي ظلماً شديداً و حكمت البلد بقبضة من حديد و أعلم أن موتي سيبهجهم ، و سيدعو علي صغيرهم و كبيرهم ، يا ويلي ما صنعت لهم من المعروف شيئاً يشفع لي عندهم كي يترحموا علي ، يا ويلي .
خيم الصمت لبرهة قبل أن يجيب الابن قائلاً...: " لا عليك أبي ، سيدعو لك الشعب بالرحمات و سيذكرك و أيامك بكل خير .
الأب : " كيف ذلك ؟! "
الابن : " سيرون من بطشي و بأسي ما ينسيهم قسوتك ، سأجعل أيامك تبدو لهم فترة رخاء و نعيم . اطمئن يا أبي فلن يكتفوا بالدعاء لك سينظمون لك قصائد المديح أيضاً "
ابتسم الحاكم بخبث و هو ينظر في عيني ابنه المتقدتان شرراً و قال : " من أين ذاك الشبل ؟ "
رد الابن : " من ذاك ... "
و قبل أن يكمل جوابه كان الحاكم قد لفظ أنفاسه الأخيرة بوجه يعلوه السواد و عينين جاحظتين كأنما اطلع على ما أرعبه