قصة عبدالرحيم: سيف الحياء!

منذ #قصص واقعية

(الحياء شعبة من شعب الإيمان

هكذا قال رسولنا الكريم صــلى الله عليه وسلم ،فأنت قد تستحي أن تطالب بحقك الأكيد من أقرب النـــــــــــاس إليك ،وإستحياؤك هذا ليس عن ضعف وإنما هو مراعاة لصلة الــــدم بينكمـــــا وهل هناك صلة أقوى من صلة الدم ؟!

ذلك هو سيف الحياء الذي يشعر به الكثيرون منا ويتألمون فـــي قـــــرارة نفوسهم بحيائهم في طلب الحق ،ولكنهم في نفس الوقت يتلذذون بهــــــــذا السيف ويكون كالبلسم على رقابهم ما داموا لن يخسروا ذوي قربـــــــــاهم ،ويكون ذلك الحياء بمثابة القربان لإستمرار صلة الرحم !

هذا ما عايشته في قصة صاحبي عبدالرحيم الذي نشأ في أسرة كريمـــــــــة ،وكان أبوه ثرياً يدير أعمالاً وأصولاً كبيرة ،ولم ينجب غير ولـــــــــد وحيد وأخوات بنات ، ذات يوم نصحه المحاسب الذي يتعامل معــــــه بأن ينشىء شركة صورية بين ولده الوحيد عبدالرحيم وكبرى بناته ،على أن يكــــــون معروفاً للجميع أن الشركة صورية وأن الهدف منها تقسيم الأربــــــاح على عدد من الشركاء فتنخفض بالتالي قيمة الضرائب المستحقة عليها .

يقول عبدالرحيم : فجأة انتقل والدي إلى رحمة الله ،وكنت صغير الســــــــن فقمت بإدارة أعمال أبي بوصفي ابنه الذكر الوحيد ،وأقمن شقيقاتي ضـــدي دعوى بعدم أهليتي لإدارة الشركة لصغر سني وقلة خبرتي ،وانتهى الأمـــــر بتعيين حارس قضائي على الشركة والثروة ،وحين بلغت الســــــن القانونية أقمت دعوى لرفع الحراسة وباشرت إدارة أموال الأسرة ولكن بعد أن كانت نفسي قد شابتها بعض الشوائب والمرارات تجاه شقيقاتي ،ورحت أديـــــــر العمل وأتعلل بمختلف الأسباب لعدم توزيع الشركة عليهن ولا أعطيهن أيضاً من حقوقهن من الإيراد إلا قليلاً وهن لا حيلة لهن معى ولا سبيل أمامــــهن إلا التسليم لي راضيات أو ساخطات ،وحدث بعد ســـنوات أن توفيت والدتي وتركت ميراثاً آخر فرحت أتباطأ أيضاً في توزيعه عليهن ! ومضت السنين تجر السنين وأنا على هذه الحالة وقد تزوجــــــت وأنجبت البنين والبنات وأعيش أنا وزوجتي وأولادي فــي رغد من العيش بينما شقيقاتي يعشن على الكفاف وشظف العيش ! إلى أن كنت ذات يوم وأنا في كامل صحتي وعافيتي وحيويتي وإقبالي على الحياة فإذا بي أشعر فجأة بألم كأنه طعنة سكين حادة في صدري من الناحية اليسرى وفي ذراعي وفي كتفي ، وكانت محنة أ ُصِبتُ فيها بجــــــــلطة في القلب وعشت فترة عصيبة بين الحياة والموت ،فبدأت يــــا صاحبي استيقظ لأول مرة من غفوتي بل غفلتي واتنبّه إلى ما أنا فيه من حـــــــال أخشى أن أواجه بها رب العرش العظيم !

وقررت بيني وبين نفسي أن أرد المظالم إلى أصحابها وأعطي كــل ذي حق حقه لأني لا أريد أن أخسر دنياي وآخرتي ولا أريــــــد أيضاً أن أفقد أواصر القربى بين ذوي الرحم ، وقمت بتنفيذ ما نويت عليه بعـــد أداي العمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر أشرف الخـلق صلى الله عليه وسلم الذي انسكبت عنده دموع الندم على ظلمي لشقيقاتي ! وبعد عودتي مباشرة اجتمعت مع شقيقاتي وأعطيتهم حقوقهن كاملة وهــن غير مُصدقات ما يجري أمامهن !! تلك كانت قصة صاحبي عبدالرحيم وقد شكرته كثيراً على قراره الحـــــــكيم وقلت له خيراً فعلت يا أخي لأن ما سُلب أو أ ُخذ بسيف الحياء لا يــدوم ولا تظهر بركته ، وأنت بفعلتك هذه قد طهـــّرت أموالك من شبهة الحرام وإغتصاب حقوق أقرب الناس إليك ، وشقيقاتك في الواقع غلبهن حيـــائهن منك في المطالبة بحقوقهن كاملة وفي نفس الوقت كانت قلوبهن تدمـــي وتدعي عليك بغير أن تنطق ،فالتعبير الواقعي الظاهر لظلمك لهـــــــــن كان واضحاً ، وحتى لا يخسروك وتنمو بذور الخِــــــــلاف والضغينة بينكم آثرن السكوت القهري على ظلمك لهن ، وتأكد يا صاحبي أن المولى راض ٍ عنك لإنتباهك من غفلتك قبل فوات الأوان يوم لا ينفع الندم ، ولله دُر القائل : من يرحم الخلق فالرحمن يرحمه ويـــرفع عنه الضــــر والبـــاســا ففي صحيح البخاري ورد مفصّلاً لا يرحم الله من لا يرحم النــاسـا !!

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك