قصة فردوس: شهامة البخيل!!

منذ #قصص واقعية

آفة البخل آفة خطيرة ومـــــــــــــرض عضال نعوذ بالله أن يبتلينا بالبخلاء وأشباههم ،فالبخيل في أقصى درجات شهامته يكون مثل فاقد الشيء الذي لا يعطيه أبداً ،وفي مقابل البخل نجد السخاء ، والسخاء بمــــعنى أن تعطي الآخرين بدون عمل عمليات حسابية كبرى وصغرى للمكسب والخسارة ! أي أن يكون العطاء خالصاً لوجه الله فالمال مـــــــــــــال الله ،وصدق الإمام الشافعي رحمه الله حينما قال أن السخاء غطاء لكل عيب ،ولكــــــــنه غطاء مكلف لدى البخلاء ،فالبخيل حين يعطي مـــــــــن ماله فكأنما يعطي من نور بصره!

فماذا تفعل الزوجة عندما تجد زوجها المليونير بخيلاً ؟! عندئذ ستكـــــــون حياتها معه صعبة وعسيرة جداً بلا شك ،فالمرأة تكره الرجل البــــــــــــخيل كراهيتها للعمى ومعها حق في ذلك فإن البخيل يحرمها متع الحياة ويخجلها هي وأولادها أمام الناس ويشعرها أن المـــــــــــــال القليل أغلى منها بكثير ،والطامة الكبرى أن البخيل بماله بخيل بعواطفه أيضاً لأنه يخشى أن يقول لأمرأته كلمة حلوة فتطمع منه في مال !!

وهذا ما حدث مع بطلة قصتنا السيدة المسكينة فردوس التي كــــــــــان من نصيبها أن تتزوج من رجل بخيل ،ولنترك فردوس تقص علينا قصتها مــن البداية : حين كنت طالبة جامعية لفتت زميلاتي بالكلية نظري إلــــــى طالب هادىء ووسيم لاحظوا جميعاً أنه يتابعني دائماً بنظراته ويحبنــي في صمت ،فبدأت أشعر بوجوده لأول مرة مع أنه لم يحاول أبداً التعرف علــي أو الإقتراب مني كما يفعل بقية الزملاء ،ولاحظت أيضاً أنه يبدو دائماً حزيناً ومهمــوماً وشيئاً فشيئاً بدأت أفكر فيه وأنشغلت بــــــه، وترقبت اللحظة المناسبة التي سيفتعل فيها أي سبب للحديث معي ،فلم تأت هذه اللحظة أبداً !

وفهمت بيني وبين نفسي أنه يراني أمل بعيد المنال بالنسبة له وذلك بسبب جمالي الذي يغرى بي من هم أفضل منه وأيضاً لثراء أبي .

ومرت الأيام وانقطع فؤاد عن حضور الكلية لمدة أسبوع كدت أفقد خــــلاله صوابي ،ثم رجع للدراسة مرة ثانية وفوجئت بــــــــــه هزيلاً كالشبح حزيناً ووجدتني حين رأيته أسأله بلهفة كأني أعرفه من زمن طويل عمــــــا شغله عند دراسته خلال الاسبوع الماضي ،فنظر إلى فؤاد ذاهلاً ثم تمتم قائلاً : إن والدته قد رحلت عن الحياة ،وإنه لم يعد له في الدنيا بعدها ســـــوى شقيقة واحدة متزوجة في القاهرة ،وتطورت العلاقة الشـــريفة بيننا أثناء الدراسة ،وبعد التخرج طلبت من فؤاد التقدم إلى أبي لطلب يدي وجاء إلــــــــى بيتنا خائفاً متردداً واستقبله أبي بفتور كبير وأفهمه بوضوح أنـــه لايناسب ابنته وطالبه بعدم التفكير نهائياً في هذا الموضوع ،وغادر فؤاد بيتنا كســــــــــير الخاطر جريح الكرامة !

أما من ناحيتي فقد أقمت الدنيا ولم أقعدها في أسرتي من أجل فؤاد ،لكن أبي ـ سامحه الله ـ لم يتزحزح عن موقفه ،

وزاد على ذلك بأن أكّد لي أن عريساً جاهزاً ينتظرني وتتوافر فيه كل المواصفات المطلوبة من الثراء الكبير والإمكانيات المغرية ،وعندما يأس فؤاد من إقناع أبي بالإرتباط بـــي ابتعد نهائياً عن حياتي واختفى كأن لم يكن !! ولم أجد مفراً من القبول بالعريس الجاهز الذي أخبرني به أبي ،وتمـــــــــت إجراءات الزواج سريعاً من متولى ، ومضى عامي الأول ولــــــم أجد الجنة التي وعدني بها أبي ولا الترف الذي أراده لي ،بل لاحظت منـــــذ البداية أن زوجي متولىي بالرغم من ثرائه وإمتلاكه الاراضي الزراعية والعقـــــــارات فإنه بخيل للغاية ولا ينفق قرشاً إلا لأسباب قهرية ،ووجدت نفســــي أعيش معه في مستوى عادي بل أقل من العادي!

وشكوت لأبي من بخل زوجي متولي فكان يهّون علي الأمر ويقول لــي أنه سيتغير بعد أن يصبح أباً ،ومرت الأيام وأنجبت طفلي الأول فـي مستشفى حكومي لأن زوجي استكثر تكاليف الولادة في مستشفى خاص ،بل أنه بـــعد الولادة رفض أن يدفع تكاليف المتابعة الشهرية للمولود لدى طبيب أطفال!

وازداد متولي بخلاً وتقتيراً وأصبحت الحياة معه لا تطاق!! وعندما رزقت بمولودي الثاني هددني بأنه لن يعطيني مصـــــــروف للبيت....... ولن يتحمل أي نفقات جديدة!!

وصارحت أبي بإستحالة الحياة مع ذلك الزوج البخيل ،وطلبت أن يساعدني في الطلاق منه ،وعندما علم متولي برغبتي بدأ يساومني ويطالبني بالتنازل عن حقوقي الشرعية ثمناً لطلاقي ،وتم الطلاق بالفعل وفقاً لشروط الـــزوج البخيل !!

وحدث أن تعرض أبي لأزمة طاحنة في تجارته وأراد أن يستعين بقرض من أحد البنوك ،وقد نصح البعض أبي بالاقتراض مــــن فرع جديد لأحد البنوك مديره متعاون ويتفهم ظروف التجار ،وذهب أبي لمقابلته ،فإذا بذلك المـــدير هو نفسه فؤاد زميل الدراسة الذي رفضه أبي حينما كان فقيراً ،وقــــد أبدى فؤاد استعداده لمساعدة أبي وأنجز له كل أوراق القرض في أقل مـــــن شهر ،وارتبك أبي كثيراً عندما اكتشف أن مدير البنك هو نفسه الشاب المـــــكافح المسكين الذي تقدم لطلب يد ابنته ورفضه بكل كبرياء وتعسف !!

وعرفت من أمي كل شىء وعرفت أيضاً أن أبي نادماً أشد الندم على إحراج فؤاد عندما تقدم لطلب يدي ،وعرفت كذلك أن فؤاد قد تزوج وتوفيت زوجته بعد أن رزقه المولى منها طفلين جميلين !

وطلبت مني أمي أن أفتعل أي شيء للذهاب إلى البنك ومقابلة فؤاد لـــــــــعل وعسى يرجع الود القديم ،ولكني رفضت وقلت لأمي أن من حقي على أبي أن يصحّح الخطأ الذي وقع فيه وأساء لي في إختيار زوج المستقبل ،بل وأطالب أبي بأن يذهب إلى فتاي القديم فؤاد ويعرضني عليه دون خــجل فإذا رفضني فلا لوم عليه وقد سبق لأبي أن رفضه ، ولكن ماحدث كان العكس تماماً فقــد صارحني فؤاد بأن حبه لي ما زال كما هو ،

وكانت ليلة سعيدة يوم حضر إلينا فؤاد وشاهد كل أفراد الأسرة فتى القلب القديم وقد جـــــــــــــاء ليجدد طلبه بالإرتباط بي بعد 17عاماً من رفضه !! وبـــــــــعد أن أنجب طفلين وأنجبت طفلين ،وبعد ثلاثة شهور من هذه الزيارة تزوجنا فــي إحتفال عائلي صغير، والآن نحن نعيش معاً كأسرة يرفرف الحب عليها تضم 4 أبناء !! وتلك هي مشيئة الله تتجسد لنا واقعاً حياً في قصة السيدة فردوس ،فبعـــض البشر قد تترفق بهم أقدراهم فتأذن لهم ببلوغ شاطىء السعادة بعد أن تكون سفينة الحياة قد جنحت بهم لفترة من الزمن ، وهذا هـــــــو جزاء الصابرين وتلك هي حوادث الدنيا نتعلم منها الكثير ولله الأمر من قبل ومن بعد .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك