في غضون ثوانٍ من انطلاقها في الرابع من يوليو عام 1943م ، تحطمت طائرة B-24 Liberator التي كانت تقل فلاديسلاف سيكورسكي ” Wladyslaw Sikorski ” في البحر قبالة ساحل جبل طارق ، حيث قتل الجنرال سيكورسكي ، رئيس الحكومة البولندية في المنفى ، إلى جانب خمسة عشر راكبا آخرين على متن الطائرة ، فقط طيار الطائرة نجا من الحادث ، وادعى شهود عيان أنه قبل نجا قبل أن ترتفع الطائرة بقليل
في وقت كانت بولندا في قلب الحرب مع الاتحاد السوفييتي السابق وألمانيا النازية ، وكانت العلاقات بين الاتحاد السوفييتي والحكومة البولندية في المنفى سيئة للغاية ، وكانت وفاة سيكورسكي مثيرة للجدل بشكل كبير ، وعلى الرغم من التحقيق البريطاني بعد وقت قصير من التصادم ، والذي انتهى إلى أن الحادث كان بسبب تشويش الطائرات ، ولكن كان هناك اتهامات باغتيال سيكورسكي
وُلد سيكورسكي عام 1881م ، في بولندا عندما كانت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية وخدم في الجيش في البداية في الجيش النمساوي ، ثم في الجيش البولندي في أعقاب اندلاع الحرب العالمية الأولى
بعد أكثر من قرن من الاحتلال الأجنبي ، أصبحت بولندا مستقلة نتيجة لمعاهدات باريس للسلام التي شُكلت أوروبا في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، في عام 1919م اضطرت البلاد للدفاع عن نفسها من جيوش الاتحاد السوفياتي ، كان سيكورسكي بمثابة جنرال في الجيش البولندي وبعد نجاح بولندا في الحرب ، عمل سيكورسكي ، الذي كان آنذاك بطلًا قوميًا ، لفترة وجيزة كرئيس للوزراء ، من 1921م إلى 1922م
وبعد غزو ألمانيا النازية لبولندا في عام 1939م ، أصبح سيكورسكي زعيمًا للحكومة البولندية في المنفى ، وفي البداية عمل بشكل جيد مع قادة الحلفاء ، وظهرت المشاكل في عام 1943م عندما طلب سيكورسكي من الصليب الأحمر إجراء تحقيق في مذبحة كاتين ” Katyn massacre ” وقعت المجزرة في عام 1940م ، خلال احتلال الاتحاد السوفياتي لشرق بولندا كجزء من خطة حلف مولوتوف-ريبنتروب ، وخلال الاحتلال السوفياتي تم اعتقال الآلاف من الضباط في الجيش البولندي وسجنهم ، في أعقاب غزو ألمانيا للجزء السوفياتي المحتل من بولندا في عام 1941م ، طلبت بولندا من الاتحاد السوفياتي ، وهو حليف رسمي للحكومة في المنفى بإعادة الضباط المسجونين
وعثرت القوات الألمانية في غابة كاتين على قبور جماعية تضم 4000 عنصر عسكري بولندي في عام 1943م ، وأُصيب كل واحد من الرجال برصاصة في رأسه وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم : مما يوحي بأنهم قد تم قتلهم جميعًا ، اتهم الاتحاد السوفييتي ألمانيا بقتل الضباط البولنديين ، واتهمت ألمانيا نفسها بالاتحاد السوفياتي بالقيام بالفعل
في خضم المعركة ضد القوات النازية ، كان يمكن أن تكون الحقيقة أكثر ملاءمة للحلفاء إذا نفذت المجزرة من قبل الجنود النازيين ، في الخامس عشر من أبريل عام 1943م ، أعلنت الحكومة البريطانية عبر هيئة الإذاعة البريطانية أنها قبلت أن الاتحاد السوفييتي من فعل ذلك ، واستمر الجدل دائر حتى عام 1992م حتى تم الكشف عن الحقيقة ، عندما أصدرت الحكومة الروسية وثائق تفيد بأن الشرطة السرية التابعة للاتحاد السوفييتي ، NKVD ، هي التي نفذت تلك الفظائع
ومع ذلك ، في ذروة هذا الجدل حول مجزرة كاتين تحطمت طائرة سيكورسكي ، ويقول إنه قد اغتيل ، إما من قبل القوات البريطانية أو السوفيتية ، كوسيلة لمنعه من فتح تحقيق كامل حول المجزرة ، وهو أمر كان من الممكن أن يعطل التحالف غير المستقر بين بريطانيا والاتحاد السوفيتي
وتراوحت الاقتراحات بين أن سيكورسكي والركاب الآخرين قد قُتلوا قبل أن يستقلوا الطائرة ، ثم تم تخريب الطائرة لاحقًا ، وخلصت الاختبارات التي أجريت على جسم سيكورسكي في عام 2009م من قبل المعهد البولندي ، إلى أنه قُتل في حادث تحطم الطائرة ، ومع ذلك ، لا يزال هناك من يجادلون بأن الطائرة قد تعرضت للتخريب ، إن حقيقة أن الطائرة أقلعت من قاعدة بريطانية على جبل طارق أدت بالكثيرين إلى اتهام السلطات البريطانية إما بالتورط مباشرة في أعمال التخريب ، أو على الأقل القيام بدور أحد المارة الراغبين في قتله والقيام بعملية الاغتيال
رفضت كل من بريطانيا وروسيا من السماح بالإطلاع على المحفوظات والوثائق ، والتي يمكن أن تحمل معلومات حول القضية ، وعلى الرغم من أنه ليس بالضرورة أن يكون دليلاً على ارتكاب خطأ ، فإن الوثائق التي يُحتمل أن تظل سرية لحماية هويات الجواسيس في وقت الحرب – تضيف بلا شك إلى وجود مؤامرة من نوع ما جرت في الرابع من يوليو عام 1943م