حصلت على لقب الأم المثالية الأولى لمدينتها وقريتها بصعيد مصر , لمحافظة سوهاج , لجمهورية مصر العربية .تزوجها والدي وعمرها 14 عاماً وهو ابن عمها بعد رحلة عذاب مع زوجة أبيها ، سافرت من صعيد مصر للقاهرة حيث كان عمل الوالد .
رغم صغر سنها أنجبت 5 ذكور في خمسة سنوات . اعتنت بهم أعظم عناية رغم ثقافتها البسيطة .
القصة الأولى :
وهي تشبه قصة إحدى الصحابيات
حدث في عام 1948 مرض فتاك لجميع أطفال مصر وهو الطاعون ، فكانت صابرة ومحتسبة لله ودعت " اللهم أقدم إحدى أبنائي هدية لك في سبيل إنقاذ باقي أطفالي الأربع " وسبحان الله مرض الطفل الأصغر وقبل الله الدعاء ومات في ثاني يوم .
وعاد المرحوم بإذن الله والدي من العمل وهو مجهد ، أخفت الأم دموعها ووضعت ابنها المتوفى على السرير ووضعت عليه الملاءة وكأنه نائم . تجملت الأم وتزينت لاستقبال الوالد ، وأعدت له أشهى الطعام وأفضل من كل يوم ، وعند دخول الوالد سأل عن الابن المريض فقالت له إنه في أحسن حال من الأول ويرقد في فراشه .
أكل الوالد ، واستراح ، وقضى حاجته ، ثم لاحظ الدموع في عين الوالدة ,فقال لها ماذا حدث ؟
قالت- بثبات الأم المثالية المؤمنة بقضاء الله وقدره- : لقد أعارك الله شيئا ً
، وقد رد الله عاريته ، البقاء لله لقد مات ابنك .
قال لها الوالد: إني أعترف بأن إيمانك أقوى وأعظم من إيماني ، رغم أن سنك لم يتجاوز 18 عاماً وأنا الآن ابن ال48 عاماً . إنك بالضبط تمثلي نفس قصة الصحابية الصابرة أيام الرسول عليه السلام.
.
هذه هي البداية للأم المثالية ، وبعد هذا الحادث بأشهر قليله كان حملها وقد عوضها الله بالابن الآخر . لكن على رأي المثل لم تتم الفرحة ، فبعد حوالي 6 أشهر من حملها كان الإختبار الأعظــــم ، لقد توفى الوالد فجأة وترك لها الأبناء الثلاث والرابع في بطنها . وصبرت واحتسبت ذلك عند الله .
لكن ما العمل ؟
حملت أطفالها وعادت من القاهر إلى بلدتها مركز طما بمحافظة سوهاج حيث العائلة الفقيرة . لا مصدر للرزق فقد مات الكفيل ، لكن الرزاق الله موجود ..
بهذا الإيمان بدأ مشوار الحياة ، كانت تملك القليل من المال فاشترت ماكينة حياكة ، فكانت تجيد هذه المهنة من معلمتها بالمدرسة ، وبدأت تحيك الملابس للأسر بالبلدة والقرى المجاورة ، وكانت الكهرباء لم تصل للبلدة ولا المياه ، فكانت تخيط الملابس على لمبة الكيروسين ، وتأتي بالمياه من البئر أو من الأقارب .
تجمعت العائلة وكان القرار
حيث أنها كانت جميلة وذات السن 19 عاما) أنه لا بد لها من الزواج لحمياتها وتربية الأطفال .
رفضت كل العروض رغم الإغراءات الشديدة وقالت قولتها المسموعة لكل أفراد العائلة " الزوجة تتزوج رجل واحد لكن أنا تزوجت 4 رجال ، إنهم أبنائي " من الآن كرست كل حياتي لهم حتى الموت .
اعتنت بنا بل كانت تذاكر لنا الدروس لأنها كانت تجيد القراءة والكتابة ، بل اعتنت بنظافتنا ومأكلنا وملبسنا من القروش القليلة من الخياطة ، والإعانة الشهرية التي كان يقدمها لنا فقط المرحوم الخال .
انتهت مرحلة التعليم المتوسط والثانوي بمدينة طما محافظة سوهاج وقال الأقارب " كفى" ولا بد من إيجاد عمل للأولاد وتزوجي ، رفضت وقالت بإذن الله سأستمر في التعليم حتى أعلى المراحل حتى الجامعة وبإذن الله الدكتوراه .
بهذا الإصرار انتقلنا إلى محافظة أسيوط حيث الجامعة وكنا
لم نترك الوالدة وحدها في هذا الكفاح ، بدأنا في العمل مع الدراسة أحدنا أمين مكتبة ، والآخر سكرتير بمستشفى ، ...
لقد علمت الإبرة والخياطة في أصبع الوالدة وعلم ذلك في أصبعها ، وقل بصرها فبدأت في لبس النظارة .
استمرت قصة الكفاح سنواتٍ ، وسنوات لكن لا بد من اختصار القصة لأنها تحتاج لمجلدات ومجلدات .
ظهرت ثمرة الكفاح للأم المثالية الأولى لمصر
فالولد الأكبر كبير بمعهد الإدارة العامة بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أما الأصغر مهندس اتصالات سلكية ولاسلكية بالمملكة العربية السعودية , الأصغر والذي كان ببطن أمه يوم وفاة الوالد دكتور ورئيس قسم الصيدلانيات لكلية الصيدلة جامعة الزقازيق ، دكتوراه في علاج أمراض السرطان والحاصل على أعلى جائزة لخبير مصري لكليات الصيدلة للجامعات العربية .
في هذا الصيف وبعد زيارة للأم المثالية بالإسكندرية وعودتي للعمل بدولة الكويت جاء خبر جلطة دموية في المخ للوالدة سلبت منها الذاكرة . سافرت فورا للقاهرة ، وتحسنت الأحوال وعدت للكويت ، وفي أول رمضان ، وفي يوم الجمعة ، ماتت أغلى أم في الوجود . لقد بشرت بالجنة من رسول الله لما معناه . ماتت ولها أربعة أبناء, ماتت بمرض , ماتت يوم الجمعة , ماتت في رمضان من هذا العام .