يُروى عن السلطان العثماني « سليمان القانوني » أن موظفي القصر أخبروه باستيلاء النمل على جذوع الاشجار في قصر « طوب قابي»، وبعد استشارة أهل الخبرة، خلص الأمر إلى دهن جذوعها بالجير.
ولكن كان من عادة السلطان، قبل أن يقدم على أمر ما، أن يأخذ رأي مفتي الدولة الذي كان لقبه الرسمي شيخ الاسلام.
فذهب إلى أبي السعود أفندي بنفسه يطلب منه الفتوى، فلم يجده في مقامه، فكتب له رسالة ببيت شعر يقول فيها:
إذا دب نمل على الشجر.. فهل في قتله ضرر؟
فأجابه الشيخ حال رؤيته الرسالة قائلاً:
إذا نُصبَ ميزان العدل.. أخذ النمل حقه بلا وجل
في إشارة منه إلى ما هو أعظم وأهم.
وهكذا كان دأب السلطان سُليمان القانوني، إذ لا يكاد يُنفذ أمراً إلا بفتوى من شيخ الإسلام أو من الهيئة العليا للعلماء في الدولة العثمانية.
تُوفي السُلطان في معركة –زيكتور– أثناء سفره إلى فيينا، فعادوا بجثمانه إلى إسطنبول. وأثناء التشييع وجدوا أنه قد أوصى بوضع صندوق معه في القبر، فتحيّر العلماء و ظنوا أنه مليء بالمال، فلم يجيزوا إتلافه تحت التُراب، وقرروا فتحه..
فأخذتهم الدهشة عندما رأوا أن الصّندوق ممتلئ بفتاواهم حتى يدافع بها عن نفسه يوم الحساب، فراح الشيخ أبو السعود مفتي الدولة العثمانية يبكي
قائلاً: لقد أنقذت نفسك يا سليمان، فأي سماءٍ تظلنا وأي أرضٍ تُقلّنا إن كنا مخطئين في فتاوانا؟
هكذا كان العلماء وهكذا كان الحكام.