تم التوقيع على خطة الإصلاح الأرمينية لتصبح قانونًا في الثامن من فبراير لعام 1914م وتلك الاتفاقية لحظة يتم تجاهلها في كثير من الأحيان ، والتي تميزت كل من تدهور الدبلوماسية الأوروبية في الحرب العالمية الأولى ، وبداية الأحداث التي قد تتوج بمأساة مروعة في حق الشعب الأرمني
كانت روسيا والإمبراطورية العثمانية الموقعين على الاتفاقية ، والتي منحت حقوق إدارية مستقلة للأرمن في المقاطعات الست التركية حيث كان سكانها هم الأغلبية ، كما تم وضع اثنين من الجنرالات المفتشين بموجب قانون الاتفاقية الجديد ، وقد عُين المفتشون بموجب اتفاق بين بريطانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا ، وكان لهم سلطة قضائية على المقاطعات الأرمينية
على المستوى الإقليمي ، كان الاتفاق نتيجة لحملة طويلة قام بها الأرمن لكسب الاعتراف والمساواة في الإمبراطورية العثمانية ، فقد عانوا لقرون من الاضطهاد السياسي ، مع دخول الإمبراطورية مراحل التدهور في بداية القرن التاسع عشر ، ساءت الحالة كثيرًا ، حيث ركزت القومية التركية المتنامية والاستياء على القمع على كل عناصر المجتمع
تم تشكيل الوفد الوطني الأرميني (AND) للحكم الذاتي بعد فشل الحكومة الدستورية التركية الجديدة في تنفيذ الإصلاحات الوطنية ، والتي جاءت في أعقاب انقلاب الشباب الأتراك ، بدأت ” AND ” في الضغط على الدول الأوروبية الأخرى للدفع باتجاه إجراء تغييرات في الإمبراطورية العثمانية ، حيث كان الاضطراب في تركيا بعد الهزيمة في حرب البلقان الأولى (1912-1913م) ، بمثابة اللحظة المثالية لحكومات روسيا وبريطانيا وفرنسا للضغط على الإمبراطورية العثمانية للتحريض على التغيير
وبعيداً عن مجرد الاهتمام بالحالة الأرمنية ، فإن تدخل القوى الأوروبية الأخرى في المسألة الأرمنية كان في الواقع من أعراض التوترات الدولية المعقدة التي قسمت أوروبا في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى ، وأصبحت المظالم الأرمنية أداة للأهداف الجيوستراتيجية للإمبراطوريات
بالنسبة لروسيا ، كانت فوائد الاستقلال الأرمنية الكبيرة واضحة ، وكانت الأراضي المعنية قريبة من الحدود التركية الروسية ، فمنذ بداية القرن ، سعت روسيا إلى تقويض الإمبراطورية العثمانية المتعثرة منافستها الرئيسية لفرض نفوذها في المنطقة ، كما إن استقلال الأرمن يعزز من فرص روسيا في الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط
لقد ساندت بريطانيا وفرنسا ضمنياً روسيا في تدخلها في المسألة الأرمنية ، وكانت ألمانيا قد أقامت علاقات وثيقة مع الإمبراطورية العثمانية ، والتي اعتبرها أعضاء الاتحاد الثلاثي محاولة من القيصر لتأكيد نفوذ أكبر في تلك المنطقة القيمة ، وبتسليط الضوء على دولة أوروبا المستقطبة ، فقد رفضت ألمانيا الشروط الأولية لخطة الإصلاح الأرمينية ، وكان الهدف الأصلي للاتفاقية هو الانضمام إلى المقاطعات الست التي تسكنها الأرمن ، أو جعل المقاطعات مقاطعة واحدة ، ورأت المعارضة الألمانية أن الاتفاقية معدلة لإنشاء مقاطعتين منفصلتين بدلاً من ذلك
تم استخدام الحملة الأرمنية لإنهاء القمع السياسي ، والتي أسفرت عن خطة الإصلاح الأرمينية ، من قبل القوى الاستعمارية الأوروبية لتحقيق أهدافها الجيوسياسية ، إلا أن النتيجة المأساوية كانت أن الإمبراطورية العثمانية كانت تغذي الشعور بأن الأرمن كانوا متناغمين مع منافسي تركيا ، مما زاد من استياءهم وأدي لعواقب مروعة
كان اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م يعني أن شروط الاتفاقية لم تكن مطبقة مع روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ، وترك الأرمن بدون حماية ، وفي أبريل 1915م، تم اعتقال 200 مثقف أرمني ، واتهموا بدعم روسيا وكانت تلك بمثابة الخطوة الأولى في ما يشار إليه الآن على نطاق واسع باسم الإبادة الجماعية للأرمن