لاشك أن للأمثال الشعبية دورًا كبيرًا في تلقين الدروس والعبر للمجتمعات المتعاقبة ، فهو خلاصة تجارب أجيال سابقة تقدم للأجيال التي تليها على طبق من فضة ليتعلموا منها ، ولا يقعوا في نفس أخطاء الماضي ، وهذا المثل أحد الأمثال العراقية الشهيرة التي تُضرب فيمن لا يحسن التدبير ، ويسيء الفكر والتصرف في الأمور .قصة المثل :
يُحكى أنه كان هناك تاجرًا للحبوب ببغداد ، لديه ولع عظيم باقتناء الخيل وتربيتها ، فكان يبذل كل ما لديه من الغالي والنفسي من أجل الحصول عليها ، وكان هذا الرجل يتاجر بالحنطة والشعير ، فيأخذ ما يقدر عليه من الحبوب ويسافر بها لأسواق العراق المختلفة ، فيبيعها ويربح منها الكثير ، ويعود ثانية إلى مدينته بغداد .وفي إحدى السنوات أخذ الرجل مقدارًا كبيرًا من الحنطة والشعير ، وسافر بها إلى مدينة الموصل ليتاجر بها ، فوجد سوق الحبوب هناك كاسدة فاضطر الرجل لبيع الحنطة بثمن بخس ، وفي الليل ذهب الرجل لواحٍد من الخانات يقضي فيه ليلته .فرأى هناك رجًلا من تجار الخيول معه حصان أصيل له نسب عريق يريد بيعه ، فقرر شراءه منه وساومه على الثمن حتى اتفق معه أن يشتريه بنفس ثمن الحنطة التي باعها ، وظل الرجل ينتظر في الموصل لحين بيع الشعير الذي معه ، ولكن أيضًا في هذا العام ضرب الكساد سوق الشعير وانخفض سعره إلى النصف أو أقل .فظل الرجل منتظرًا حتى تتحسن حالة السوق ، واضطر أن يقدم لحصانه الجديد بعض من الشعير ليتقوت به كل يوم ، وظل السوق على كساد حاله فترة حتى نفذ الشعير ، وقضمه الحصان حتى أخر حبة ، وأصبح حال الرجل يرثى له حتى أنه باع مسبحة كهرمان كان يمتلكها لكي يتمكن من العودة إلى بغداد ، ولكنه عاد خائبًا مفلسًا لا يمتلك حتى قوت يومه ، ومن وقتها ظل الناس يتناقلون قصته ويضربون بها الأمثال .