قصة البتراء مدينة الأنباط الوردية

منذ #قصص منوعة

تقع مدينة البتراء القديمة على مسافة حوالي 250 كيلومترًا من عمان بالأردن ، وإلى جوارها تقع صخور وادي موسي والتي سُميت على اسمه ، نظرًا للاعتقاد السائد بأن سيدنا موسى عليه السلام قد أقام بمنطقة وادي موسى مع قومه ، لفترة من الزمان قبل أن ينطلق نحو فلسطين .كما تسرد بعض الروايات أن تلك المنطقة هي التي ضرب فيها سيدنا موسى الأرض ، فانشقت منها العيون الاثني عشر وفقًا لعدد أسباط بني إسرائيل آنذاك .ويعود تاريخ تلك المنطقة المميزة إلى مملكة الآدوميين وهم أحد أقوام بني إسرائيل ، الذين سكنوها في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد ، ولكن علاقتهم مع بني إسرائيل لم تكن جيدة ، فهم لم يسمحوا لسيدنا موسى بعبور أرضهم من أجل الوصول إلى فلسطين .وعلى الرغم من أن الآدوميين قد تم ذكرهم في الألواح الآشورية إلا أنهم لم يتركوا خلفهم لغة واضحة تدلل عليهم ، ثم استغلوا قدوم الملك نبوخذ نصر واحتلاله مملكة يهوذا إبان فترة القرن السادس قبل الميلاد ، وقيامه بترحيل اليهود إلى العراق وتحديدًا في بابل ، لذلك ترك الآدوميون أرضهم وارتحلوا بعيدًا عنها نحو فلسطين تاركين أرضهم للأنباط .لموقع المدينة الاستراتيجي دورًا مهمًا في مرور القوفال التجارية بها ، وكان قوم الأنباط يعملون على أخذ الجباية من القوفال المارة بأرضهم في مقابل حمايتهم من اللصوص ، أو يبتاعون البضائع من القوافل المارة بهم ، لتعود كما جاءت ثم يبيعونها للدول بالجانب الآخر بأسعار أكثر ارتفاعًا ، مما أدى إلى تدفق الأموال والثروات على المدينة نتيجة تلك الأعمال ، فأصبحت من المدن الثرية في هذا الوقت من الزمان .هذا الترف الذي عاشته مدينة الأنباط من ثراء ومال وثروات متعددة ، جعل أهلها يتفننون في تشييد المباني والصروح الضخمة ، التي نُحتت في وادي موسى ، ولذلك عقب فترة تم تسميتها بمدينة الأنباط الوردية ، وكانت المباني بعضها للآلهة والبعض الآخر قبور للموتى ، ولاشك أن شعب الأنباط كانوا من أكثر الشعوب التي تفننت في صناعة أنظمة ري متطورة ومتميزة ، مما ساعد السكان على تحمل البيئة الصحراوية التي أقاموا بها ، وبمرور الوقت تأثر شعب الأنباط بالدول المجاورة لهم ، فأتقنوا العربية وعبدوا نفس أصنامهم من اللات والعزى وغيرهم .وبحلو القرن الرابع قبل الميلاد ، قام الاسكندر المقدوني بمهاجمة القارة الآسيوية ، وانتصر على الإمبراطورية الفارسية ، واستمر في تقدمه حتى وصلت جيوشه نحو الهند ، ولكن الاسكندر المقدوني توفى شابًا في الثلاثينات من عمره .وفي بابل وفي هذا الوقت تناقص الإمبراطورية التي أقامها قادة جيوشه ؛ ونتج عن تلك القسمة ظهور الدولة البطالسية في مصر ، والسلوقيين في العراق ، وتحولت تلك الحقبة التاريخية إلى فترة متميزة للغاية ، امتزجت فيها الثقافة الغربية الإغريقية مع الثقافة الشرقية ، فيما عصر باسم العصر الهيليني .وفي تلك الفترة التي اندلعت بها الحروب بين القادة ، استغل الأنباط هذه الحروب وقاموا بتوسعة أراضيهم ومملكتهم ، فقاموا بالاستحواذ على قطع وأجزاء كبيرة من الشام ، وتمكنوا من السيطرة على طرق التجارة الرئيسة بين الشرق والغرب ، واتضح تأثرهم بالفترة الهيلينية في الكيفية التي نحتوا بها قصورهم ، ومعابدهم التي تجلى فيها المزج الواضح بين ما هو فرعوني وإغريقي .ظلت البتراء على مدار خمسة قرون متصلة ، عاصمة لمملكة الأنباط ، ولكنها لم تستمر كثيرًا حيث سقطت في يد الرومان ووقعت تحت سيطرتهم في عام 106 ميلاديًا عقب مرور عام كامل من الحصار للمملكة .وبالطبع في ظل تلك الظروف المتضاربة طال الخراب كافة أجزاء تلك المملكة العريقة وتدمرت الحضارة التي كانت قد بنيت ، نظرًا لحروب المتكررة التي وقعت بها بين أطراف متعددة ، كما فقدت التجارة طريقها إليها فكانت القوفال تمر من أماكن بديلة نظرًا لهذا الخلل الذي بات واضحًا في تلك المنطقة ، التي تدمرت آثارها ونُهبت بحثًا عن كنوزها المدفونة .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك