قصة لوحة العشاء الأخير

منذ #قصص منوعة

تعد لوحات الفنان العالمي ليوناردو دافنشي لغزًا كان ومازال يحير العالم ، فعلى الرغم من رحيله في القرن الخامس عشر ، إلا أن لوحاته مازالت تحمل الكثير من الأشياء والأسرار التي يتم اكتشافها بين الفينة والأخرى .والغريب في لوحات دافنشي أنها كانت تسبق لوحات الفنانين في هذا العصر ، حيث اعتمد في رسوماته على الخداع البصري والدراما التي تتجسد في كثير من لوحاته ، كلوحة العشاء الأخير التي رسمت في الفترة ما بين عامي 1495 و1498م وهي تعد بحق تحفة النهضة الإيطالية ، حيث نالت شهرة واسعة وسط أعمال الفن المسيحي .وقد رسم دافنشي تلك اللوحة بناءً على طلب دوق ميلانو الذي أراد تجسيد تلك الواقعة الهامة ، وقد استمر في رسمها لمدة ثمانية عشر عامًا ، ولكنه أبدع في استخدام المنظور الفني حيث جعل اهتمام الناظر للوحة ينصب على منتصفها أي على رأس المسيح .وتجسد تلك اللوحة لحظة مؤثرة في حياة يسوع المسيح ، حينما كان يجتمع بحواريه الاثنى عشر في عشاء عيد الفصح ويعلن لهم أن أحدهم سيخونه كما ورد في إنجيل يوحنا (الحق أقول لكم : إن واحدًا منكم سيسلمني!) ، وكان هذا ما احتفل به يسوع مع تلاميذه قبل أن يتم اعتقاله ومحاولة صلبه .وتصور اللوحة رد فعل كل حواريه تجاه الخبر في مشهد درامي مبهر ، ركز فيه على يهوذا الخائن الذي تبدو عليه أمارات الغضب على يمين المسيح بجوار مريم المجدلية أو يوحنا كما في بعض الروايات ، وتبلغ أبعاد تلك اللوحة 15 ×29 قدمًا لتحتل بذلك جدارًا في قاعة الطعام بكنيسة سانتا ماريا ديلي غراسي في ميلانو .وقد قام دافنشي في تلك اللوحة بتغطية سطح الجدار الحجري ثم الرسم عليه مباشرة ، باستخدام خليط التيمبيرا والزيوت ليمنح نفسه مساحة أكبر في الرسم والتلوين ، ولم يستعمل فيها تقنية الفريسكو مما أدى إلى سرعة تلف اللوحة ، حيث أنها احتاجت لعمليات ترميم متعددة بعد إنهائها بوقت قليل .وعن الحواريون حدث نوع من الجدل خاصة عن شخصية مريم المجدلية التي رسمها دافنشي بوجه أنثوي ناعم وشعر منسدل ، فاعتقد البعض أن مريم المجدلية هي نفسها دافنشي حيث وضع نفسه في الصورة إلى جوار المسيح ، ولكن هناك رواية أخرى عن أن العادة جرت في رسم الشبان الايطاليين بهذا الشكل في ذاك الوقت .وقد عمد الفنان دافنشي إلى رسم يسوع المسيح دون هالة حول رأسه ليوضح أنه كان بشرًا وليس إلهًا ، والجدير بالذكر أن لوحة العشاء الأخير قام برسمها فنانين كثيرين منهم أندريا ديل كاستانغو عام 1447م ، ودومينيكو غيرلاندايو 1480م ، إلا أن جدارية دافنشي كانت ولا زالت هي الأروع على الإطلاق لما بها من أفكار وأسرار أخفاها المبدع دافنشي بين أبطالها .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك