إنها الأماكن ، تحمل بين طياتها الكثير والكثير من القصص والأحداث المتنوعة ، فقد يكون لمعلم هام أو أثر تفتخر به الشعوب قصة دامية ، حطمت قلوبًا أو قتلت أرواحًا أو حتى أفنت عقولًا ، ولعل منارة جزيرة النار الواقعة بلونغ أيلاند بنيويورك ، كانت واحدة من تلك المعالم التي دمرت القائمين عليها ، فشبح مسئول البناء والترميم لازال عالقًا بين جدرانها رغم مرور السنوات .فمنذ أكثر من قرن مضى شنق أحد العاملين بمنارة جزيرة النار نفسه بداخلها ، ففي عام 1857 تم هدم المنارة الأصلية التي كان قد تم بناؤها على جزيرة النار ، وتم العمل على إعادة بناءها بطوب أصلب وأساس أقوى ، ولذا اضطر المسئول عن بناء المنارة إلى الانتقال بأسرته للعيش بالقرب من موقع العمل .وبالفعل انتقلت الأسرة إلى كوخ خشبي صغير لتبقى بجوار عائلها الوحيد ، وعند حلول الشتاء غادر البنائين ، واضطر المشرف على أعمال البناء البقاء بجوار موقع العمل ريثما يعود البناءون .كان الشتاء قاسيًا تلك السنة ، وبصعوبة شديدة كانت الأسرة تجد بعض الدفء في ذلك المكان المروع ، فالرياح لم تتوقف عن الحركة خلال تلك الشهور ، والحرارة أمعنت كثيرًا في الانخفاض ، وغمرت الثلوج المكان وساءت الأوضاع حينما أصيبت ابنتهما الصغيرة بالمرض .فدعا الأب الطبيب على الفور ، ولكن لم يجدي هذا في ذلك الجو العاثر ، فقد كان من الصعب على أي أحد السفر إلى مثل هذا المكان النائي في ذلك الوقت من السنة ، لم يستطيع مشرف البناء الخروج بابنه لمدة ثلاث أيام بسبب صعوبة الجو ، وظل في انتظار طويل للطبيب الذي لم يأتي ، ولكن لسوء الحظ توفيت الفتاة قبل أن تصل إليها يد الطبيب .بعد تلك الكارثة غادرت الزوجة جزيرة النار وعادت إلى سايفيل لدفن الفتاة الصغيرة ، ومن يومها لم تعد وانقطعت أخبارها ، ظل مشرف البناء بالجزيرة رغمًا عنه ولم يستطع المغادرة ، فكان مضطرًا لإبقاء الحرائق مشتعلة في طوب المنارة ، وأكثر ما ألمه أنه لم يستطيع الذهاب لدفن صغيرته .لم يستطيع ذلك الشاب تحمل ألم الحزن والوحدة ، فدفعه الألم إلى الجنون حتى أنه جلب حبلًا متينًا ، وصعد به إلى أعلى المنارة وشنق نفسه لتصعد روحه إلى أعلى السماوات ، ومنذ ذلك الوقت والناس يقولون أن هناك شبح يتجول بالمنارة القديمة .يظل منتظرًا في الليل على أرض المنارة في انتظار الطبيب الذي سيأتي لإنقاذ ابنته ، والآن بعد أن تم بناء منارة جزيرة النار ، يقول القائمين عليها أنهم مازالوا يسمعون صوت الأبواب تفتح ، كما أن النوافذ أعلى المنارة تنفتح من تلقاء نفسها .ويقول آخرون أنهم دائمًا ما يسمعون صوت خطى تتسلق برج المنارة ، ومعها ضحكات مجنونة يعتقد أنها تشب خطوات مشرف البناء وضحكاته ، حينما كان يصعد البرج باحثًا عن مكان يربط به الحبل ليشنق نفسه ، ويرقص رقصته الأخيرة .