عماد صحفي بجريدة محلية ، في قسم الماورائيات ، حيث يهتم هذا القسم بكل ما هو غيبي ويتعلق بالعالم الآخر ، أي عالم الجن والذي يحظى ، بالكثير من القراء في هذا القسم بالتحديد .وصلت رسالة بريدية إلى عماد ، بأن يحضر إلى عنوان مكتوب في فحواها ، من أجل قصة جديدة ، وبالطبع حزم عماد أمتعته واتجه إلى أقرب وسيلة نقل ، أقلته إلى حيث لعنوان في قرية نائية عن المدينة .بمجرد أن وصل عماد إلى المكان ، حتى بدأ يتلفت حوله وسأل عن العنوان المراد ، فأشار الناس إلى منزل يكسوه السواد من الخارج ، وكأنما قد احترق بشدة من قبل ، ولكنه صعد وقد توقع أن يأتيه شيخ عجوز محني الظهر ليتلاءم مع مكان كهذا .ولكنه فوجئ بشاب هادئ وطيب الملامح ، ويرتدي ثيابًا نظيفة وتفوح منه رائحة العطر ، فسأله عماد إن كان قد وصل إلى مبتغاة ، فأجابه الشاب أن نعم ، ثم أحضر له واجب ضيافته ، ولاحظ عماد أن الشقة من الداخل منمقة وذات دهان حديث ، وليست كما تبدو من الخارج .جلس الشاب وعرف عماد بنفسه ، قائلاً له أردت أن اروي لك قصتي ، أنا أدعى جهاد وأبلغ من العمر ثلاثين عامًا ، توفى والدي ووالدتي ويعمل شقيقي ، بإحدى الدول العربية المجاورة ، وبدأت قصتي بأن والدي كان شيخًا تقيًا ، يعالج حالات المس والتلبس بالقرآن ، والرقية الشرعية فقط ولا يأخذ مالاً على خدماته ، فكان دائمًا ما يردد لن نستخدم القرآن تجارة لنا .وفي إحدى الأمسيات أتانا رجل من القرية ، وأبلغ أبي أن ابنته قد تعرضت لمس ويرغبون في تخليصها ممن تلبسها ، فذهب أبي وأخذني معه ، ودخلنا إلى الفتاة فكانت تبتسم بخبث ، وكنت أنا وقتها أبلغ من العمر عشرة أعوام فقط ، بدأ والدي في تلاوة القرآن ، فصرخت الفتاة فأخبرها أبي أن تخرج من الجسد حتى لا يضطر إلى حرقها ولكنها أبت .وأصرت على البقاء فاستمر والدي كذلك في قراءاته ، فشاهدت شيئًا يقبض على عنق صاحبة الجسد ، وكأن هناك من يخنقها ثم فجأة سمعنا صوت تحطم فقرات عنقها ، لقد نفذت الجنية تهديدها بالفعل وقتلت الفتاة ، ومن يومها لم يسلم أبي من أحاديث رجال القرية ونسائها بأنه أخطأ وقتل الفتاة ، ولم يرحمه أحدهم أو يذكر له شيئًا مما فعل من قبل.اضطررنا للانتقال من قريتنا إلى منزل قديم ، لأبي في قرية أخرى مجاورة ، ومكثنا به أنا ووالدي وشقيقي الأصغر ، وأمي التي حملت فيما بعد بشقيقتي الوحيدة ، وفي تلك القرية وعندما حانت لحظة الولادة ، خرجت برفقة أبي نبحث عن طبيب يساعدها ، ولكن ما بين شبكة هاتف متقطعة ، ووجود القرية بمكان ناء كهذا ، لم نستطيع التوصل إلى شيء أو شخص يساعدنا ، وفجأة ظهرت أمامنا سيدة غجرية ترتدي ثيابًا غريبة ، وقالت لأبي أن يعد إلى أمي بالمنزل .أغلق والدي هاتفه واصطحبني ، وعدنا للمنزل لنجد والدتي قد نامت ، عقب أن قامت تلك المرأة بمساعدتها ، ودخل أبي ليكشف عن وجه شقيقتي فقد كانت شديدة الجمال ، ولكن ملامحها غريبة ، فغطاها والدي بعد أن بهت وشحب وجهه ، وأمر بألا يدخل أحدنا لرؤية الشقيقة .سميت شقيقتي نرجس ، واستمر والدي في حجبها عن الأعين طويلاً ، وكانت الفتاة غريبة بالفعل ، وتسللت في مرة إلى غرفتها ، كانت قد أتمت عامها الأول ، ولكنني عندما رأيتها ، كانت تبدو وكأنها في الخامسة من عمرها ، وبشرتها بيضاء حد الشحوب وعيناها سوداوان ، إلا أنها كانت جميلة للغاية رغم كل شيء .نهرني والدي لأنني رأيت شقيقتي ، فاعتذرت منه أمي أن تبدأ شقيقتي بالخروج ، وأن يراها الناس ومع الإلحاح ، بدأ والدي في السماح لها بالخروج ، ولا أدري حقًا كم كان عمرها فسرعان ما صارت شابة ، ونحن لا ندري متى تكبر أو تنضج بتلك السرعة الرهيبة ، وبدأ الخطاب يأتون إلينا من كل مكان ، ولكن أمي كانت ترفض بطريقة مهذبة .ظل الأمر يسير هكذا حتى أتتنا والدة أحد الشباب ، معروف بين أبناء القرية بأنه زينة الشباب وبالطبع يقصدون المال ، فرفضه والدي بحجة الأخلاق ، وعندما ألححت عليه بالسؤال ، أجابني أن نرجس هي ابنة الجنية ، التي أحرقها والدي في جسد الفتاة ، وأن من أعطتها لوالدتي هي خالتها ، وهي جنية أيضًا وقد صار على أمي وأبي ، أن يعتنوا بها تكفيرًا عما فعله والدي ، ولم تكن نرجس نفسها تعلم أنها نصف جنية ونصف بشر ، ولكنها كانت ترى أطيافًا ، ولا تدري لم تراهم .لم ترتح والدة الخاطب الأخير ، والذي تم رفضه لسوء خلقه ، فانتظرت خالة نرجس ، حتى خرجت من منزلنا وذهبت إلى المقبرة ، ورأتها تختفي بين القبور ، ونظرًا للشبه الشديد بينها وبين نرجس ، فقد أخذت المرأة تخبر القرية ، بأن نرجس حفيدة الجن ، وأنها ليست بشرًا ، وفي مكان ينتشر به الجهل مثل لقرية ، صدقها الناس وبدؤوا يتحاشون شقيقتي ، التي أخذت تبكي ليلاً ونهارًا .قرر أبي الرحيل وقد اعترضت على هذا الأمر ، إلا أننا استيقظنا في صباح ليوم التالي ، على ألسنة النيران تلتهم منزلنا ، وقد أوصدت الأبواب علينا من الخارج ، حاولنا الهرب ولكننا لم نستطيع ، واختفت نرجس شقيقتي ، ونجونا من الاحتراق بأعجوبة وأقلع والدي عن العلاج والرقية الشرعية للناس .وذهبت لأعمل أنا وشقيقي خاصة أن والدي كان شيخًا كبيرًا ، ورقدت أمي متعبة لمغادرة شقيقتي المنزل ، وكانت ترغب برؤيتها ، حتى ماتت وهي تقل أنها قد زارتها ، ثم لحقها أبي بسبب تلك المصائب المتتالية ، وسافر شقيقي وبقيت أنا أعمل وأجتهد ، وعملت في بعض الحقول ، وطلبني أحد الأشخاص لأعالج شقيقته ، من جني تلبس بها وهي حامل ، فرفضت هذا الأمر ، ولكن مع إلحاحه ذهبت إليها وعالجتها ، واستطعت إخراج الجن من جسدها ، وصرت الآن بينهم شيخًا صاحب كرامات عليهم .انتهى جهاد من حديثه ، فسألته وماذا تريد الآن ، قال أريد نشر قصتي ، عل شقيقتي تقرؤها وتأتي تزورني ، فقد اشتقت إليها كثيرًا ، فانشر القصة باسم آسوم حفيدة الجن ، فهذا هو اسمها ، فسأله عماد ولم المنزل من الخارج ، ليس كما بالداخل ، فابتسم جهاد وقال له أردت أن يشاهد الناس فعلتهم ، كلما مروا من هنا .