في ظل ظروف المعيشة الجديدة ، والقوانين المستحدثة على كافة المستويات ، ومن بينها السكن وخلافه ، قد تضطر إلى الاستئجار لشقة جديدة ، عقب مرور بضعة أعوام ، وأحيانًا كل عام أيضًا ، وقد يدفعك هذا الأمر إلى استئجار ما هو زهيد الثمن ، حتى يكفيك مالك خاصة إذا ما كنت متوسط الحال ، ولكن هل كل ما هو زهيد ، جيد بالفعل ؟حسني مهندس اتصالات ثلاثيني ، يعمل بإحدى الشركات الخاصة ، ولديه زوجة جميلة وطفل صغير ، كان حسني شاب ريفي ، لا يملك شقة خاصة به ، سوى في منزل أهله ، بالقرية التي أتى منها ، ولكن ظروف العمل بالمدينة ، لم تمكنه من الحصول على شقة ملك له ، مثلما لديه بالقرية ، فاضطر إلى استئجار منزلاً ، في منطقة متواضعة ، ولشدة دهشته ، كان ثمن الإيجار زهيد للغاية على حجم الشقة ذاتها .فقد كانت شقة واسعة تطل على شارع رئيس ، وبها ديكور فخم من الداخل ، وكأنها قد بنيت في منطقة ثرية ! اندهش حسني وزوجته سلمى من تلك التفاصيل ، ولكن الزوجة قد انبهرت بالمكان ، مثل أي أنثى واستطاعت إقناع زوجها ، بأن يظلا بالشقة ، فوافق حسني على مضض وهو يرتاب في كل شيء .كان كل شيء على ما يرام ، منذ أن انتقل الزوجين إلى الشقة الجديدة ، ولكن لم يستمر هذا الأمر طويلاً ، فقد كان حسني يعود من عمله كل يوم ، ليجد ابنه يبكي بشدة ، وهو منزوٍ في ركن داخل غرفته ، فكان حسني يظن أن زوجته قد عنفت الطفل أو ضربته ، ولكنه عندما شاهد الأمر يتكرر كل يوم لثلاثة أيام متتالية ، ذهب للطفل وربت على كتفيه ليسأله عما ألم به .ولكن انتفض الطفل واتسعت عيناه رعبًا ، وقال له هل أنت والدي حقًا؟ فنظر له حسني طويلاً ، وهو لا يستوعب عما يتحدث الطفل بشأنه ، فسأله عما دفعه لمثل هذا السؤال ، فأجابه الطفل وكان يدعى مروان ، أمي ليست أمي فخشيت ألا تكون أنت أيضًا كذلك ، فقاله له حسني بقلق ماذا تعني؟أجابه مروان منذ ثلاثة أيام مضت ، وعقب أن ذهبت أنت إلى العمل ، أيقظتني أمي ، وهي متسعة العنين ، وتصاحبها سيدة عجوز ، تقف خلفها مباشرة ، وتنزف دمًا من فمها ، وقالت لي بصوت مختلف ، سوف تهلكون جميعًا ، ثم خرجت من الغرفة وأنا أصرخ ، وقمت لأجلس إلى جوار الحائط ، ريثما تعود أنت ولكنك لم تحدثني .وفي اليوم التالي ، عندما عدت من المدرسة مبكرًا بعض الشيء ، فتحت لي أمي الباب واحتضنتني بقوة ، ثم قالت لي أنها ستجلب لي الغداء ، فبدلت ثيابي ثم خرجت لأجدها تضع الأطباق على السفرة ، فذهبت لأحضر بعض الماء ، لأجد أمي تقف داخل غرفة الطهي ، وتنظر لي بتمعن شديد ، وإلى جوارها العجوز أيضًا .شعر حسني بالرعب الشديد من حديث ابنه ، ولكنه ابتلع ريقه وطلب منه أن يستكمل حديثه ، فقال له وماذا حدث اليوم؟ أجابه الطفل باكيًا ، أتت أمي لتأخذني من المدرسة ، فخرجت معها ، ولكن عقب أن سرنا سويًا ، وجدتها تأخذني إلى حيث المقابر ، وتضحك بطريقة أرعبتني فأطلقت ساقي للريح ، حتى وصلت للمنزل ، فوجدت أمي تقف لي بالشرفة وتلوح ، ثم فتحت باب المنزل ، ولكنني هربت منها إلى هنا ، وجلست في انتظارك يا أبي ، هيا نرحل من هنا أرجوك .ذهب حسني إلى إمام المسجد بالمنطقة التي استأجر بها شقته ، وروى له كل ما سمعه من طفله ، فهلع الرجل وطلب منه أن يترك تلك الشقة ، فمن أسسوها ، ماتوا في ظروف غامضة ، ولم يستطع أحد أن يعلم ماذا حدث لهم ، كل ما تم روايته هو أن السيدة زوجة صاحب المنزل ، قد استيقظت فجرًا ، وحملت سكينًا .ذبحت بها كل ذويها ، ثم ذبحت نفسها ، وأثبت الطب الشرعي ذلك بالأدلة ، ومنذ ذلك اليوم لم يسكنها أحد ، سوى بعض الأزواج حديثي الزواج ، وماتوا جميعهم في ظروف غامضة ، وقيل أن بعض سكان المنطقة يشاهدون عجوزًا ، لها فم نازف تتجول داخل المنزل ، ليلاً وهي تحمل بعض الشموع ، ولا أحد يدري ماذا تريد أو من هي تلك المرأة .عاد حسني إلى المنزل ، ليجد الدماء تزحف إلى خارج المنزل ، من أسفل الباب الرئيس ، فهلع الرجل وبدأ يصرخ ليجتمع حوله السكان من جيرانه ، وقاموا جميعًا بدفع الباب عنوة ، عقب أن طرقوه ولم يستجيب أحدهم من الداخل ، ليجدوا أمامهم السيدة العجوز تحمل رأسي مروان وسلمى ، وتضحك بشدة ثم تركض داخل المنزل ، ليفقد حسني وعيه من شدة الصدمة ، ويركض البعض خلف العجوز ولكنهم لم يجدوها قط ، وكأنها قد تبخرت ، ومنذ ذلك اليوم لا يجرؤ أحدهم على الاقتراب من هذا المنزل الملعون قط .