في الغابة الكبيرة كانت بيوت الحيوانات قريبة من بعضها ، فكانوا يطمئنون على بعضهم البعض ، ومن غاب يسألون عنه ، ومن مرض يزوروه ، وذات صباح تقابلت الغزالة مع جارها القرد فسلمت عليه وقالت : السلام عليكم ، رد القرد السلام : وعليكم السلام يا جارتي الغزالة كيف حالك ؟ لم أرك منذ بضعة أيام فلعل المانع خير .الغزالة : أنا مشغولة جدا بالصغار ، أذهب في الصباح الباكر لإحضار طعامهم ، ثم أعود لأرعاهم وأنظفهم ، ثم أكنس البيت وأرتبه ، وهكذا يمر اليوم فأنام متعبة لأستعد لليوم التالي .القرد : أعتذر إليك فأنا لم أسأل عنكِ طوال هذه الأيام ، الغزالة : لا عليك يا جاري العزيز ، فالحياة مليئة بالمشاغل ، هل رأيت جارنا الحمار الوحشي اليوم ؟ ، القرد : لا لم أرى ، هل حدث له شيء ؟ ، الغزالة : كنت أمر اليوم أمام بيته فوجدت بابه مغلقًا ، فطرقت الباب عدة مرات لكنه لم يجبني ، وإني قلقة عليه ، القرد : أنا أيضا لم أره منذ أمس ، دعينا نسأل عنه .ذهب القرد والغزالة إلى بيت الحمار الوحشي ليستطلعا الأمر ، ويعرفا سبب غياب جارهما ، وبينما هما ينتظران أمام الباب ، مر الكلب فسألهما : لماذا تقفان أمام بيت الحمار ، فأخبرهما الكلب : أنه رأى الحمار في الصباح يسير بصحبة الثعلب في أطراف الغابة .تعجب القرد والغزالة وقالا : هذا غريب ، ليس من عادة الحمار أن يسير مع الثعلب ، هبا بنا نذهب للثعلب لنسأل عن جارنا ، ذهبت الحيوانات الثلاثة إلى بيت الثعلب ، وطرقوا الباب ، فتح الثعلب الباب وهو في ضيق وسألهم : ماذا تريدون ؟ ، الحيوانات الثلاثة : نريد أن نسأل عن جارنا الحمار الوحشي ، أجابهم الثعلب : لا أعرف عنه شيء ، قال الكلب : رأيته معك في الصباح ، الثعلب : ماذا تقصد ؟ لقد ذهب الحمار بعد ذلك ، وإذا كنت تشك بكلامي ، ادخل وفتش بيتي ، الكلب : لا داعي ، سوف نبحث عنه بمكان أخر .وبينما هم في طريقهم يتحدثون ، ويتعجبون من غياب الحمار ، توقف الكلب ، وقال : انظروا أليست هذه رجل جارنا الحمار الوحشى وبها حدوته الحديدية ، وهذه قدم أخرى ، وأخذت الحيوانات تبحث هنا وهناك ، فإذا بهم يجدون رأسه ملقاة قرب بيت الأسد ، فقال القرد : لقد أكل الأسد صديقنا ، وهو يسير بمفرده في أطراف الغابة .فقالت الزرافة : ليست عادة الحمار أن يمشي في الغابة منفردًا ، لابد في الأمر خدعة ، وفي هذه الأثناء كان الثعلب واقفًا في بيت الأسد وقال له : كيف حال مولاي بعد وجبة أمس الشهية ؟ ، الأسد تقصد الحمار الوحشي ؟ الثعلب : نعم ، الأسد : ولكن كيف أتيت به إلى هنا ، الثعلب : لقد خدعته ، الأسد : يا لك من ثعلب ماكر .بعد أن علمت الحيوانات بقصة صديقهم الحمار الوحشي ، حزنوا على موت جارهم الحمار وجلسوا يتحدثون في أمره ، إذ جاء الثعلب يتصنع البكاء ويقول لقد حذرته مخاطر الطريق ولكنه أصر على أن يمر بجوار عرين الأسد .قال القرد : لم يذهب هناك قبل ذلك ، ولا يعرف الطريق كيف ذهب ؟ ، تغير وجه الثعلب وقال : لا أدرى ، كان يسير معي يسألني عن أحسن الطرق لتنظيف المنزل فشرحت له ، قال القرد : إن بيت الحمار من أنظف البيوت ، تلعثم الثعلب قائلًا : لا أنا كنت أسأله عن كيفية نظافة بيتي .وهنا علمت الحيوانات أن للثعلب دورا في مقتل الحمار الوحشي فابتعدت عنه وتجنبته ، ولم يجد أي فريسة يقدمها للأسد ، فذهب لبيت الأسد يسترضيه : أنا أبذل قصارى جهدي ، فقال له الأسد : كيف ستأتي بفريسة أخرى ، وكل الحيوانات تبعد عنك ؟ ، قال الثعلب : هذا عملي وسوف ترى ، انتظر الأسد والجوع يمزق أمعاؤه عدة أيام ، وعلم أن الثعلب يخدعه ، فأرسل في طلبه .جاء الثعلب إلى بيت الأسد فاستقبله بوجه باسم ، ففرح الثعلب ، قال له الأسد : قد أعددت لك احتفالا بسيطًا ، تفضل بالدخول دخل الثعلب ، فأغلق الأسد الباب وتقدم نحو الثعلب ليأكله ، فقال الثعلب : لقد خدعتني حتى أدخلتني ، الأسد : لقد انتهت مصالحي معك ، وأنا الآن جائع ، ولا أجد طعامًا غيرك ، الثعلب : أتغدر بي ، الأسد : وما الغريب ؟ ، لقد غدرت بجارك الحمار من قبل ، قال الثعلب وهو يلفظ آخر انفاسه ، لقد نلت نفس الجزاء .