كان هناك طحان يعيش في إحدى البلدان ، وكان يعاني من ألم في الأسنان شديداً ، ولم يستطع تحمل دقات الطاحونة ، أثناء عملها لطحن الحبوب ولم يستطع مواصلة عمله ، بسبب شعوره بألم الأسنان الذي كان مؤلماً للغاية .الطحان يزور الحكيم :
وفى تلك البلاد وفى ذلك الزمان ، كان الناس يقصدون الحكماء للتخلص من عللهم ، فقرر الطحان الذهاب إلى الحكيم ، لاستشارته في علاج لألم أسنانه وسار الطحان مسافة بعيدة ، حتى وصل إلى منزل كبير الحكماء ، وأخبره عن ألم أسنانه والذي جعله عاجزاً ، عن تكملة عمله في الطاحونة .وعد الطحان للحكيم :
مال أحد الخدم الخاصة بالحكيم وأخبره ، أن ذلك الرجل هو الطحان الذي لا يفي بوعده ، سمع الطحان كلام خادم الحكيم ، وقال : نعم أنا الطحان لقد وعدت من قبل ، ولم أفي بوعدي ولكن أعدك أيها الحكيم ، أن هذه المرة سأفي بوعدي ، أعطني علاجًا وسأعطيك تلك المرة عشرة ، أو حتى مئة بقرة وهذا وعد أكيد مني .قال الحكيم : أتقول مئة بقرة ؟ حقاً مئة بقرة ؟ ، رد الطحان : نعم سأفي بوعدي ، قال الخادم للحكيم : يا كبير الحكماء لا تستمع له ولا تصدقه مرة اخرى ، فالرجل كاذب ولا يستحق الشفقة ولا العناية لقلة أمانته ، وأراد الحكيم أن يعطي الطحان فرصة جديدة ، ليفي بأقواله وأعطى الطحان مجموعة أعشاب لتخفيف ألم أسنانه ، فشكر الطحان الحكيم ووعده بأنه لن ينسى المئة بقرة .عاد الطحان إلى منزله سعيداً ، وتناول أعشاب الحكيم وزال ألم أسنانه ، وكان سعيداً جداً وظل يقفز ويصيح : لقد شفيت ، لقد شفيت ، وعاد النشاط إلى الطحان وباشر عمله في الطاحونة كعادته ، لكن هل سيتذكر وعده ؟هل سيفي به ؟خدعة الطحان :
وبعد عدة أيام تذكر الطحان وعده للحكيم بالمائة بقرة ، وكان الطحان يفكر في فكرة للخروج من ورطته فمائة بقرة ليست بالعدد البسيط ، فتذكر أنه لم يقل للحكيم أنه سيعطيه بقرات حقيقية ، فقرر صنع بقرات من العجين .طلب الحكيم من خادمه مراقبة الطحان لسلوكه ويومه ، حتى يفي بوعده له وفي يوم من الأيام تطلع الخادم من نافذة منزل الطحان ، فوجد أمرًا مدهشاً فقد رأى الطحان يقوم بصنع عجين من الدقيق المطحون ، وتشكيله على هيئة بقر واحدة تلو الأخرى وأكمل الطحان خطته ، وصنع عشرات من البقر .معاقبة الطحان :
أسرع الخادم ليخبر الحكيم بخدعة الطحان ، وطلب من الحكيم معاقبته على كذبه وخداعه ، وأن لن يتركه حتى ينال عقاباً صارماً حتى يكف عن كذبه ، فسأل الحكيم الخادم عن طريقة لعقاب الطحان المخادع ، واقترح الخادم بأنه يجعل الطحان يتألم اكثر عن المرات السابقة .انتهى الطحان من صنع مئة بقرها ، وقادهم إلى الحكيم وقال له : يا كبير الحكماء لقد أحضرت لك مئة بقرة لك ، وبهذا اكون قد وفيت بوعدي ، قام الخادم بالإظهار بالترحيب للطحان ، وقدم له طعاماً به مجموعة من الأعشاب التي تسبب ألم شديد للطحان ، ولكن كان الطحان يشعر بالشبع ورفض تناول الطعام ونجا الطحان من طريقة العقاب الأولى.فأقترح الخادم على الحكيم خطة أخرى ، وهى إلقاء الطحان في النهر فأحدث نقرة في أحد الكباري الموجودة أعلي النهر ، والتي يسير بها الطحان كل يوم في طريقه للسوق ولكن لم يخرج الطحان للسوق في ذلك اليوم ، ونجا الطحان للمرة الثانية من خطة الحكيم لمعاقبته .قرر الحكيم التفكير فى طريقة ثالثة لمعاقبة الطحان ، فأرسل الحكيم برسالة إلى الطحان ليشكره على وفائه بوعده ، وطلب منه أن يخرج للبحر لينال مكافئة قد اعدها الحكيم لوفائه بوعده ، وهي مئة قطعة من الذهب .ركض الطحان بسرعة نحو البحر ، وما أن وصل إلى شاطئ البحر ظل يبحث هنا وهناك عن الذهب ، ويصيح : أين الذهب ، أين الذهب ، سمعه مجموعة من القراصنة وكانوا يبحثون ، عن ما تركوه من ذهب على الشاطئ فظنوا أن الطحان قام بسرقته ، وقاموا بتقييد الطحان وحملوه على السفينة وساروا بعيداً .ظل الطحان يطلب النجدة ، وظل يصيح للحكيم : أنقذني وسأعطيك ألف بقرة حقيقة تلك المرة ، ضحك الحكيم وقال له : أن كنت وفياً لوعدك منذ البداية ، لم تكن تنل هذا العقاب .