في رحلة جميلة بين الواقع والخيال كان هناك شاب مليح القسمات يسمى شاهبور ، مات والده الغني الذي كان يمتلك الخدم والحشم وترك له الكثير من الأموال والأطيان ، لكن شاهبور أخذ يسرف في صرف المال يمينًا ويسارا على كل الملذات من خمرٍ ونساءٍ ، وطربٍ وغناءٍ وحفلات ليل نهار دون عمل وشقاء .وبعد مرور عام ونصف نفذت كل الأموال وباع شاهبور كل الأطيان على ملذاته وشهواته ، وأصبح فقيرًا معدمًا وتخلى عنه الجميع ، وهنا فقط بدأ يبحث عن العمل ولكنه لم يستطع العمل لأن الكل رفضه بسبب عدم إجادته أي نوع من أنواع العمل ، فجلس تحت شجرة على الطريق وحيدًا حزينًا ، فمر عليه شيخًا كبيرًا ونظر إليه ثم قال : يا بني يبدو أنك حزينًا ووحيدًا ويبدو أنك ابن مال وجاه ، فلماذا تجلس هكذا ؟قال شاهبور : لقد نفذ القضاء وزال المال والجاه وأصبحت هكذا بلا مال ولا سلطان ، ثم أكمل قائلًا : هل أجد عنك عمل أعيش منه ؟ فقال الشيخ الكبير أنا لدي عشرة شيوخ كبار مثلي نعيش بدار واحدة وليس لدينا من يخدمنا فمن الممكن أن تقوم على خدمتنا ، وافق شاهبور على كلام الشيخ العجوز .فأكمل الشيخ الكبير حديثه قائلًا : لكن هذا بشرط أساسي وهو أن تكون كاتمًا لسرنا وإذا رأيتنا نبكي لا تسألنا عن سبب بكائنا أبدًا ، وستأخذ الكثير من الدراهم والخير الكثير ، فوافق شاهبور وذهب معه لتلك الدار، وقبل أن يدخل إليها اصطحبه الشيخ وأعطاه لباس جميل من القماش ليلبسه ثم دخل معه تلك الدار ، ولما دخل الشاب الدار وجدها عالية البنيان واسعة وبها قاعات متقابلة ، وكلها مزينة بالطيور والماء وبها شبابيك تطل على بستان جميل .ثم أدخله الشيخ بعدها إلى غرفة كبيرة بها عشرة شيوخ كبار ، وكانت تلك الغرفة مزينة بالرخام المزخرف وسقفها منقوشًا بالذهب والأرض بها سجاد من الحرير ، وكل الشيوخ الذين يجلسون بها يلبسون ثيابًا سوداء وينتحبون ويبكون فتعجب شاهبور من أمرهم ، وكاد أن يسأل الشيخ الكبير لكنه تذكر شروطه بعدم السؤال .وسلم الشيخ لشاهبور أربعين ألف دينار كي ينفقها على متطلبات البيت وعلى نفسه أيضًا ، فقال شاهبور سمعًا وطاعًة ، وظل الشاب ينفق تلك الأموال عليهم حتى مرت الأسابيع والشهور ، ثم مات واحد من الشيوخ فأخذه أصحابه وغسلوه وكفنوه ودفنوه خلف الدار ، وبعدها بدئوا يموتون واحدً تلو الأخر حتى بقي الشيخ الذي أتي به .واستمر شاهبور في خدمته عدة سنين إلى أن مرض واقترب الموت من الشيخ ، فسأله شاهبور أريد أن أعرف سركم قبل أن تموت ، فقال له الشيخ لم أكن أريدك أن تسأل ثم قال له يا ولدي لا أريدك أن تفتح هذا الباب فيحدث لك ما حدث لنا ، ثم مات الشيخ ودفنه الشاب شاهبور ، وبعد فترة أراد أن يعرف سر هذا الباب فقام بفتحه ودخل إلى طرق ضيقة وعندما خرج منة التقطه عقابًا كبيرًا جدًا وطار به ثم ألقاه على جزيرة بعيده .ولم يستطع الشاب الخروج من تلك الجزيرة فنام ليلته من شدة التعب في البحث عن أي مركب ينقله من على تلك الجزيرة النائية ، ولكنه لم يجد على الجزيرة شيء وفي الصباح وهو جالس على الشاطئ رأى مركبًا به عشر جواري حسان ، نزلوا إليه وقالوا له أنت العريس الملك ثم أخذوه إلى جزيرة جميلة وقابلته هناك جارية جميلة كالبدر كانت تحمل بيدها تاج من الذهب مرصع بالياقوت والمرجان .وألبسته التاج وعندما وصل إلى منزل جميل بالجزيرة ، وجد كثير من الجنود وهم جميعهم من النساء ، وكان هناك الملك الذي يمتطي حصانًا أبيضًا جميلًا ، نزل الملك من على حصانه وقال له : أنت ضيفي ودخلا الاثنين القصر الجميل معًا ثم كشف الملك عن وجهه ، فوجدها فتاة غاية في الجمال والرقة ثم قالت له أن كل وزرائي وجنودي من النساء والرجال هم من يعملون بالحقل وعرضت عليه الزواج .فرح شاهبور كثيرًا فقد كان يتمني ذلك من كل قلبه ، فقام وقبل جبينها ويديها وقبل الزواج منها ، ثم قالت له كل شيء بالجزيرة ملكك ولكن لا تفتح هذا الباب أبدًا ، وعاش معها سنين بسعادة لم يتخيلها أبدا لكنه أراد أن يعرف سر الباب المغلق .فقام بفتحه ثم دخل إلى سرداب طويل وحينما خرج وجد نفس العقاب الذي حمله في المرة الأولى ، فحمله العقاب ثانيةً ورماه بدار الشيخ الكبير ، وهنا علم الشاب بسر بكاء الشيوخ العشرة العجائز ، فظل هذا الشاب يبكي على ما فقده بسبب فضوله ولم يضحك أبدًا حتى مات .القصة من مجموعة ألف ليلة وليلة