كان ياما كان ، كان في إحدي الغابات النائية البعيدة ، يوجد منزل رائع ، وصغير ، وجميل ، كان يعيش في ذلك البيت أرنب جميل ، اسمه أرنوب ، إذ كان يعيش أرنوب مع أمه ، في حياة تملؤها السعادة والهناء ، كانت والدته كثيرًا ما تهتم به ، وترعاه رعاية كاملة ، فكانت تقدم له كل يوم الطعام الشهي اللذيذ ، من أجمل وريقات الخس ، وأعواد الجزر البرتقالي الرائع .اعتادت الأم كل ليلة ، على أن تحكي لصغيرها أرنوب ، قصة جميلة ، حتى إذا ما سمعها ، استغرق بدوره في نوم هادئ ، وهو سعيد للغاية ، كانت نعم الأم ، تحيط أرنوبها بمشاعر الحب والحنان الدافئ ، فكان أرنوب يشعر دائمًا بالأمان ، والسلامة ، وكان مطمئنًا على نفسه طول الوقت ، ويشعر بفيض من السعادة الغامرة ، وهو في أحضان أمه الحانية .وعقب مرور فترة من الزمان ، بدأ الأرنب أرنوب ، يشعر بالملل والضيق الشديد ، إذ أصبحت حياته روتينية مملة ، ما يصبح فيه ، يمسي فيه ، ويظل يتكرر معه كل يوم ، حتى ذلك الطعام الشهي ، الذي كانت تقدمه له أمه ، لم يعد يعجبه ، وامتنع عن تناوله ، ووصف طعامه اللذيذ بطعام سيئ ، حاولت الأم أن تقنع ابنها أرنوب بأن ذلك فقط ، يعد الطعام الأنسب وحده له ، ولكنه رفض بشدة ، وخرج باحثًا عن طعام آخر أفضل .وبالفعل خرج أرنوب من البيت ، وكان غاضباً ، وظل يبحث في الغابة القريبة من منزله ، على أي طعام شهي ، وكان وقتها يشعر بالجوع الشديد ، أخذ الأرنب يجول ، ويجول ، وفي أثناء طريقه ، قابل أرنوب قطًا صغيرًا ، فسأله إذا كان معه أي طعام ، لأنه جائع ، فرد عليه له القط قائلًا : ” أجل ، عندي سمك لذيذ ، وشهي للغاية ، ولكنه في المنزل ، فتعال معي نأكله سويًا ” .ذهب الأرنب بدون تردد ، مع القط ، وقد حاول أرنوب أن يتناول من السمك ، لكنه لم يتمكن أبدًا ، فغضب أكثر ، وأكثر ، وذهب مرةً أخرى إلى الغابة ، وقابل في تلك المرة كلبًا ، فسأله عن طعام ، فرد الكلب قائلًا : ” أجل ، عندي عظم لذيذ في بيتي ، فتعال معي ، نتقاسمه معًا ” ، فذهب أرنوب معه ، ولكنه أيضًا لم يتمكن من تناول العظم ، فغضب غضبًا جديدًا ، وخرج عائدًا إلى الغابة ، وقد أنهكه الإعياء ، والجوع الشديد .أخذ الأرنب يكرر فعلته مع كثير من الحيوانات ، لكن بدون جدوى ، حتى وقع مغشيًا عليه ، وكان هناك فيل ، يراقبه من بعيد ، فأسرع إليه ، وحمله إلى منزله ، وقام بإحضار بعض وريقات الخس ، والجزر ، حتى استرد أرنوب صحته ، وقال له الفيل : ” كن قنوعًا ، وارض بما قسمه الله لك ، فالقناعة أسمى شيء في الوجود ” ، شكر أرنوب الفيل ، وأسرع إلى أمه ، واعتذر منها بندم شديد ، فسامحته الأم ، شريطة ألا يكرر فعلته مرة أخرى ، فوعدها أرنوب ، وقال : ” الحمد لله على نعمه ” .