ساهم العلماء بعلمهم وأبحاثهم في شتى أنواع العلوم بمختلف بلدان العالم ؛ كما ساهم بعضهم بأشياء مادية ملموسة غير تلك الكتب والأبحاث والصناعات المختلفة ؛ ومن بين من هؤلاء العلماء العالم هانز سلون الذي كان جامعًا للتحف ، فكانت ثمرة جيدة نبتت بالمتحف البريطاني بعد وفاته.وُلد السير هانز سلون Sir Hans Sloane بمقاطعة داون شمال أيرلندا عام 1660م ؛ توفي والده وهو في سن السادسة من عمره ؛ وكان السابع في الترتيب بين أشقائه ، وقد هاجرت أسرته من أسكتلندا للاستقرار في أيرلندا التي وُلد بها .كان سلون لديه موهبة وشغفي شديد بأن يجمع الحفريات وكائنات التاريخ الطبيعي ؛ لذلك اتجه إلى دراسة الطب في لندن ، وتخصص في علوم النباتات والصيدلة والجراحة ؛ انتقل إلى فرنسا بعد أربعة أعوام قضاها في لندن ؛ وهناك أكمل دراسته بجامعة أورانج ناسو التي حصل من خلالها على درجة الدكتوراه عام 1683م ؛ وبعدها عاد إلى لندن مُحملًا بالعديد من الحفريات والنباتات .كان سلون متفوقاً في مجاله ؛ مما جعله مُنتخبًا لزمالة الجمعية الملكية عام 1683م ، وقد أصبح زميلًا في كلية الطب عام 1683م ؛ وهو نفس العام الذي سافر فيه إلى جامايكا للعمل كمساعد فيزيائي تابع للحكومة الجديدة آنذاك ؛ وفي زيارته قام بالإشارة إلى أكثر من 800 نوع من النباتات التي لم تكن معروفة ؛ ثم كتب فيما بعد مجلدين عن إقامته في جامايكا ، والتي لم تستمر أكثر من خمسة عشر شهرًا .في عام 1693م حصل سلون على درجة وظيفية أعلى ، حيث أصبح أمينًا بالجمعية الملكية ؛ وقام بتحرير المعاملات الفلسفية والتي دامت لما يقرب من عشرين عامًا .اقترح سلون بخلط الشيكولاتة باللبن حينما عاد من جامايكا ؛ حيث رأى المواطنون هناك يخلطون الكاكاو الذي عرفه لأول مرة بالماء ؛ مما أثار اشمئزازه ؛ فاقترح خلطه باللبن ؛ وقد تم تكوين علامته التجارية الخاصة بالشيكولاتة بالحليب في منتصف القرن الثامن عشر ، وفي بداية القرن التاسع عشر تم بيع المشروب الخاص بالشيكولاته من قبل شركة الأخوة كادبوري .يُعد سلون هو أول طبيب ممارس قام بالحصول على لقب ملكي وهو “بارون” وذاك عام 1716م ؛ ثم حصل فيما بعد على منصب رئيس الكلية الملكية للفيزيائيين عام 1716م ؛ كما تم تعيينه طبيبًا عامًا بالجيش ، ونظرًا لتفوقه وتدرجه في المناصب فقد نال شرف أن يكون الطبيب الأول للملك جورج الثاني عام 1727م .أصبح سلون رئيسًا للجمعية الملكية بعد استقالة السير إسحاق نيوتن ؛ وبعد أن تقاعد عن ذلك المنصب وعمره ثمانين عامًا أصبح مديرًا لإحدى المستشفيات الخيرية بلندن ؛ والتي كانت أول مستشفى تهتم بالأطفال اللقطاء في ذلك الوقت .ساهم سلون في إنشاء حديقة تشيلسي للفيزيائيين ؛ حيث قد اشتراها عام 1716م ، وقبل وفاته أوصي بأن يحصل الشعب على كل ما يملك من مخطوطات وكتب ومطبوعات ومراجع ونباتات ، وغيرهم الكثير في مجال العلم ؛ ولكنه اشترط أن يحصل الورثة مقابل ذاك على عشرين ألف جنيه استرليني من البرلمان ؛ وكان مبلغ قليل جدًا بالنسبة لممتلكاته ؛ لذلك قبلت الحكومة وصيته ، وتوفي عن عمر يناهز 92 عامًا وهو بكامل صحته عام 1753م .تم دفن سلون مع زوجته في كنيسة تشيلسي القديمة ، واُطلق اسمه على العديد من المنشآت والشوارع والميادين ، ورحل تاركاً اسمه خالداً في ذاكرة التاريخ .