قصة المتنبي على مائدة سيف الدولة

منذ #قصص ذكاء العرب

كان أمير دولة بني حمدان سيف الدولة ذواقاً للشعر العربي ،

وكان يقرب من مجلسه صفوة الشعراء وعلى رأسهم الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ،

وكان لسيف الدولة رجال القصر الذين يعتمد عليهم في إدارة حكمه ، وكان يلبسهم ألبسة خاصة كلٌّ حسب مهمته ،

فرجال البشارة يرتدون الأبيض ،

أما رجال النذارة فلباسهم الأسود ،

وقد اعتاد الشاعر أن يأتيه في المساء المبشرون يدعونه إلى حفلة سمر في قصر الخليفة لينشده أجمل شعره ثم يعود بالهدايا والعطايا .

لكن حصل مرة خلاف ذلك ، فماذا حصل ؟

مرَّ موكب سيف الدولة أمام بيت المتنبي وألقى الأمير على الشاعر التحية لكن الأخير كان غارقاً في أحلامه التي لا تنتهي فلم ينتبه على الموكب و بالتالي فلم يردَّ على الأمير تحيَّته ولما رجع الأمير إلى قصره والغضب يتملكه ، أرسل رجال النذارة إلى الشاعر وأمرهم أن يقتادوه إليه في الحال .

ولما مثل المتنبي بين يدي الأمير عاجله قائلاً : ويحك و ويح أمك وأبيك ، بلغت بك الجرأة أن تتجاهلني ولا تردَّ عليَّ السلام ؟

دُهِشَ المتنبي وقال : جُعِلْتُ فداك ، متى حصل ذلك مني ؟

أجابه : قبل قليل .

قال المتنبي في سره : ليس لك إلا الشعر لينقذك ، فارتجل على الفور :

أنا عاتبٌ لِتَعَتُّبِكْ مُتعجبٌ لِتعجبكْ

قد كنتُ حين لقيتني متوجعاً لِتغيُّبكْ

فشُغِلْتُ عن ردِّ السلا م ، وكان شغلي عنكَ بكْ

تبسم سيف الدولة وقال له : بارك الله فيك ، ولا حرمنا من فيك ، ثم ناوله كيساً من الدراهم .

تصنَّع المتنبي العفَّةَ والنزاهة وقال : سيدي ، لم أقل فيك شيئاً أستحق عليه المكافأة ، فقال سيف الدولة : هذا لقاء ما روَّعناك .

وكان قرب سيف الدولة ابن عمه الشاعر أبو فراس ،فقال له : والله إنه لكاذب .

فقال الأمير : والله إنك لصادق ، ولكنني كافأت النبوغ فيه .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك