قصة الرسالة من الأدب المكسيكي

منذ #قصص عالمية

الرسالة ” Mensaje de ” أتيت لأراك ، مارتين وأنت لست هنا ، أجلس على عتبة بابك الأمامي ، متكئة عليه ، وأعتقد أنك في مكان ما في المدينة ، كأنما بالموجات الصوتية التي تمر في الهواء ، ينبغي أن تعلم أنني هنا ، ها هي حديقتك الصغيرة ، وشجرة السنط الممتدة ، يمر الأطفال وهم يسحبون أغصانها القريبة .

نبذة عن المؤلف : للكاتبة المكسيكية ” Elena Poniatowski ” ، إيلينا بونياتوسكا، ولدت في فرنسا عام 1933م ، من أب مكسيكي وأم مكسيكية تربت في فرنسا ، درست إيلينا في الولايات المتحدة الأمريكية في مدرسة راهبات ، ودرست اللغة الانجليزية ، من أشهر أعمالها الأدبية : ليلوس كيكوس ، حتى نلتقي مرة أخرى ، مذبحة في مكسيكو .

تعد إيلينا من أهم كاتبات أمريكا اللاتينية أرى الزهور مبعثرة حول المنزل على الأرض ، وبعضها على الحائط ، مستقيمة جداً وطبيعية لها أوراق كالنصل ، زرقاء كالجنود ، إنهم مهمون جداً ، وأمناء جداً ، أنت أيضاً جندي تسير في حياتك واحد ، اثنان ، واحد ، اثنان ، حديقتك كلها متينة ، مثلك بها قوة تلهم الثقة.

الشمس والنوافذ : ها أنا ذا أتكئ على حائط منزلك ، بالطريقة التي أتكئ بها أحياناً على ظهرك ، الشمس كذلك ساطعة على زجاج النوافذ ، ولأن الوقت قد تأخر بالفعل ، فإنها تخبو بالتدريج ، قد أدفأ وهجها الأشجار المليئة بالأزهار الذكية ، وانتشر عبيرها في المكان ، إنه الشفق النهار ينقضي ، تمر جارتك .

الحديقة الصغيرة : لست متأكدة إن كانت قد رأتني ، إنها تسقي حديقتها الصغيرة ، أتذكر أنها أحضرت لك حساء المكرونة حين كنت مريضاً ، وابنتها أعطتك الحقن .

أفكر فيك بترو شديد ، كأني أسحبك إلى داخلي وتبقى مغموراً هناك ، أود التأكد أنني سأراك غدًأ ، واليوم الذي يليه ، ودائماً في سلسلة أيام لا تنقطع ، حتى أستطيع التطلع إليك على مهل ، رغم أنني أعرف كل تفصيلة دقيقة في وجهك ، فلا شئ بيننا مؤقت أو طارئ .

في مكان ما : أنحنى على الورقة ، وأكتب كل هذا لك ، وأعتقد أنك الآن ، في مكان ما في المدينة ، حيث ربما تسير في عجلة بطريقتك الحاسمة المعتادة في أحد الشوارع التي أتخيلك دائماً ، تسير فيها : في ركن دونسلز وسينكو دى فبريرو أو شارع فينيسيانوكارانترا ، أو تجلس على أي واحد في تلك المقاعد الرمادية المملة التي تحطمت فقط ، بسبب زحام الركاب الذين يسرعون للحاق بالأتوبيس ، لابد أنك تعرف داخل نفسك أنني أنتظرك .

أنتظرك : أتيت فقط لأقول لك أنني أحبك ، ولأنك لست هنا أنتظرك ، أكتب الآن بالكاد لأن الشمس بالفعل قد غربت ، لست متأكدة مما أدونه ، بالخارج جاء المزيد من الأطفال يجرون حول المكان ، وامرأة ساخطة تحمل قدراً مكتوباً عليها ، تحذير : لا تهز يدي حتى لا أسكب اللبن .

وأسقط القلم ، الرصاص يا مارتين ، وأسقط الورقة المسطورة ، وأترك يديّ ، معلقتين في جسدي بلا جدوى ، وأنتظرك .

حان وقت رحيلي : أفكر بأنني أحب أن أعانقك ، أحيانا أحب أن أكون أكبر سناً ، لأن الشباب حمل في طياته احتياج ملح ، ولايقاوم ، لربط كل الأشياء بالحب ، كلب ينبح نباحاً عدائياً ، أعتقد أنه حان وقت رحيلي ، في وهلة قصيرة ستأتي جارتك ، وتضئ أنوار منزلك ، لديها المفتاح ، وستضيء حجرة نومك التي تواجه الشارع ، حيث هذه المجاورة يحدث الكثير من الاعتداءات والسرقات ، غالباً يسرقون الفقراء ، والفقراء يسرقون بعضهم البعض .

منذ الطفولة : كما تعلم ، منذ كنت طفلة اعتدت أن أجلس هكذا وانتظر ، كنت دائماً طيعة لأنني كنت أنتظرك ، كنت أنتظرك ، أعرف أن كل النساء ينتظرن ، ينتظرن المستقبل ، ينتظرن كل تلك الصور التي تشكلت في العزلة ، ينتظرن كل تلك الغابات التي تتحرك تجاههن ، ينتظرن كل تلك الوعود الهائلة بأن هناك رجلاً ، ثمرة الرمان تتفتح فجأة وتظهر بذورها الحمراء البراقة ، ثمرة الرمان مثل فم مكتظ بآلاف الأجزاء… فيما بعد نحيا تلك الساعات في الخيال ، نضع منها ساعات حقيقية ، نمنحها وزناً وحجماً وكثافة ، ياه ، يا حبيبي ، نحن مفعمون للغاية بالصورة الداخلية ، مفعمون للغاية بمناظر ميتة .

الرسالة : حان الآن الليل ، وتقريباً لا أستطيع رؤية ما أخطه في الورقة المسطورة ، لا أستطيع فهم الخطابات ، هناك حيث قد لا تفهم ، في المساحات الفارغة البيضاء ، أحبك .

لست أدري جعلتني أتعلق بك ، ربما أرحل الآن ، ربما أتوقف فقط لأطلب من جارتك أن تعطيك الرسالة ، وتخبرك أنني أتيت .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك