قصة الظل

منذ #قصص عالمية

قصة رعب من روائع القصص الأميريكية ، للكاتب إدجار آلن بو ، وتدور أحداث القصة عن سبعة أشخاص ، تواجدوا في المقابر في ليلة رعب ، وفجأة ظهر صوت الرعب من وسط المقابر ، لم يكن صوت إنسان ولا إله ، إنه صوت الظل !.

نبذة عن المؤلف : Edgar Allan Poe .

إدجار آلن بو .

ولد إدغار بو ، في

19 يناير 1809م – 7 أكتوبر 1849م

وهو ناقد أدبي أمريكي مؤلف ، وشاعر ومحرر، ويعتبر جزءاً من الحركة الرومانسية الأمريكية ، اشتهرت حكاياته بالأسرار وأنها مروعة ، كان بو واحداً من أقدم الممارسين الأمريكيين لفن القصة القصيرة ، ويعتبر عموما مخترع نوع خيال التحرى ، وله الفضل في المساهمة في هذا النوع من الخيال العلمي الناشئ ، كان أول كاتب أمريكي معروف يحاول كسب لقمة العيش من خلال الكتابة وحدها ، مما أدى إلى حياة صعبة مالياً ومهنياً .

الميت والأحياء : أنتم الذين تقرؤونني ما تزالون أحياء ، لكن أنا الذي يكتب يكون منذ وقت طويل ، قد مضى إلا بلاد الظلال ، إذ ستحدث في الواقع أشياء غريبة ، وتتكشف أسرار كثيرة ، وتمرّ عصور دون أن يرى الناس هذه الخواطر ، وحينما يرونها ، لن يؤمن بها بعضهم ، وسيشك البعض الآخر ، وقليلون بينهم هم الذين سيجدون فيها مادة للتأمل في الحروف التي أنقشها على هذه الألواح بمرقم حديديّ .

سنة الرعب : كانت السنة سنة رعب ، مليئة بالمشاعر الأكثر حدة من الرعب ، والتي لا اسم لها على الأرض ، إذ أن الكثير من المعجزات والعلامات قد حدثت ، وانتشرت أجنحة الطاعون السوداء انتشارا كبيراً في كل جهة من البحر والأرض ، إلا هؤلاء العارفين في علم النجوم لم يكونوا يجهلون أن للسماوات آنذاك مظهراً من الشقاء ، وكان واضحاً بالنسبة لي أنا ، وانوس الإغريقي ، أننا نقترب من عودة السنة الرابعة والتسعين بعد السبعمائة ، حيث يقترن المشترى بالحلقة الحمراء لزحل الرهيب ، كانت روح السماوات الخاصة تظهر سيطرتها إن لم أكن مخطئاً ، ليس على سطح الأرض الماديّ وحسب ، بل أيضاً على نفوس البشر وأفكارهم وتأملاتهم .

قصر فخم بباب عال من النحاس : كنا ذات ليلة ، سبعة في داخل قصر فخم في مدينة قاتمة اسمها بتوليمائيس ، نجلس حول بعض زجاجات الخمر الأرجوانية من جزيرة كيو ، ولم يكن لغرفتنا مدخل آخر غير باب عال من النحاس ، وكان الباب من صنع كورينوس ، نادر الصنع ويغلق من الداخل ، وكانت الستائر السوداء التي تحمي هذه الغرفة الكئيبة ، تُبقي لنا منظر القمر والنجوم الحزينة والشوارع المقفرة ، لكنّ ذكرى الطاعون والشعوربه لم يكن التخلص منهما بهذه السهولة .

المدعوين حول مائدة الآبانوس : كانت حولنا وقربنا ، أشياء لم أستطع أن أفيها حقها من الاهتمام ، أشياء مادية وروحية ، ثقل في الجو ، إحساس بالإختناق ، حصار وفوق كل شئ هذا النوع الرهيب من الحياة ، الذي يعانيه الأشخاص العصبيون ، حينما تستيقظ الحواس وطاقات الروح الراقدة الكالحة ، وتنتعش بقسوة .

كان يسحقنا ثقل مميت ، ينتشر على أعضائنا ، على أثاث الغرفة ، وفي الكؤوس التي نشرب فيها ، ويبدو كل شئ في هذا الإعياء ، مضغوطاً وواهن القوى ، كل شيء ، ما عدا لهب المصابيح الحديدية السبعة التي كانت تضئ إنهماكنا المفرط في الشرب والأكل .

كان اللهب يتصاعد في خيوط رفيعة ، ويبقى هكذا ، شاحباً جامداً ، وكان كل منا نحن المدعوين الجالسين حول المائدة الآبنوسية التي أحالها بريق اللهب إلى مرآة ، يتأمل فيها اصفرار وجهه والبريق الكالح في عيون وفقائه .

شخص ثامن : مع ذلك كنا نطلق ضحكاتنا مرحين على طريقتنا ، وهي طريقة هيستيرية ، ونعني أغاني مجنونة ، ونشرب كثيراً ، وإن ذكّرنا توردٌ الخمر بلون الدم ، إذ كان في الغرفة شخص ثامن ، وهو زوئيلوس الشاب ، كان وهو ميت متمدد بكامل طوله ومكفن ، جني هذا المشهد وشيطانه .

أعماق المرآة الآبونسية : لم يكن ، ويا للأسف ، يشاركنا في لهونا ، سوى في وجهه الذي شنجه الشر وعينيه اللتين لم يطفئ الموت فيهما إلا نصف نار الطاعون ، كانت تبدو أنها تهتم بفرحنا بقدر ما يستطيع الموتى أن يهتموا بفرح الذين يشرفون على الموت .

لكن ، رغم أنني أنا وانوس ، شعرت بعين الميت تحملقان فيّ ، اجتهدت ألا أفهم المرارة في تعبيرهما ، وكنت وأنا أنظر بعناد إلى أعماق المرآة الآبونسية ، أغني بصوت عال ورنان وأغنيات شاعر مرفأتيوس ، لكن غنائي توقف تدريجيا ، وأصبحت أصداؤه التي تتدحرج بعيداً بين الستائر السوداء المسدلة ، ضعيفة وغير واضحة وتلاشت أخيراً ، لكن هاهو يطلع من هذه الستائر التي ماتت فيها أصداء الغناء ، ظلّ داكن ، لا شكل له ، ظلٌ أشبه بالظل الذي يمكن القمر ، حينما يكون منخفضاً في السماء ، أن يرسمه للجسم الإنساني ، لكن لم يكن ظل إنسان ، ولا إله ، ولا أي كائن معروف .

لم يكن ظلّ إنسان أو إله : أخيراً ، بعد أن ارتجف قليلاً بين الستائر ، بقيّ ظاهراً ومستقيماً ، على سطح الباب النحاسي ، كان الظل مبهماً ، لا شكل له ، ولا دلالة ، ولم يكن ظلّ إنسان أو إله ، إله يوناني ، أو كلداني أو أي إله مصري ، وكان الظلّ هادئا على الباب الكبير وتحت الإفريز المقوس ، ولم يتحرك ، ولم يتفوه بأية كلمة ، لكنه كان يجمد أكثر فأكثر ويظل جامداً .

الظل : وكان الباب ، إذا لم تخني الذاكرة ، تماماً قبالة قدمي الشاب زوئيلوس الميت ، ولم نجرؤ نحن الرفقاء السبعة ، حينما رأينا الظلّ يخرج من الستائر ، أن نحدق فيه ، غير أننا كنا نخفض عيوننا ، ونتابع تحديقنا في أعماق المرآة الآبونسية ، وخاطرت أخيراً ، أنا وانوس ، بالهمس ببضع كلمات وسألت الظلّ عن اسمه ومكان إقامته ، وأجاب الظلّ : إنني ظل ، وأقيم في جوار مقابر بتوليمائيس ، وقرب هذه السهول الرمادية الجحيمية التي تحيط بقناة شارون المدنسة .

صوت الموتى : وحينذاك نهضنا نحن السبعة من الرعب ، ووقفنا نرتجف ، مذعورين ، ذلك أن نبرة صوت الظلّ لم تكن نبرة صوت شخص واحد ، بل جمهور من الناس ، وكان هذا الصوت ، وهو يتغير بين مقطع وآخر ، يسقط بغموض في آذاننا مقلداً اللهجات الألفية المعروفة لآلاف الأصدقاء الذين ماتوا .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك