رواية عروسي الصغيرة الفصل الثامن




رحلتها في ايطاليا استمرت لمدة ثلاثة ايام...
رحلة كانت مجهدة بحق استنفذتها جسديا ونفسيا...
عادت منها اخيرا بعدما احرزت تقدم جديد...
نجاح جديد في عملها يثبت اقدامها اكثر في هذه المهنة...
هاهي تختار خطواتها جيدا وتثبت نفسها بين جمع رجال الاعمال بشكل اكبر...

دلفت الى غرفتها وهي تشعر بتعب وارهاق شديدين...
خلعت حذاءها ورمته ارضا ثم بدأت في خلع ملابسها فورا ورمتها ارضا هي الاخرى...
دلفت مسرعة الى الحمام لتأخذ شاور سريع عله يزيل تعبها...
خرجت من الحمام وهي تلف جسدها بمنشفة عريضة ثم اخذت تجفف شعرها الطويل بالسشوار...

ما انتهت من تجفيف شعرها حتى سرحته وارتدت بيجامة مريحة قبل ان تندس في سريرها وتغرق في نوم عميق...
استيقظت في صباح اليوم التالي على صوت هاتفها...
زفرت انفاسها بضيق وهي تعدل من وضعيتها وتلتقط هاتفها وتجيب على المتصل والذي لم يكن سوى اياد...!!!
صباح الفل...

اجابته بضيق واضح:
صباح النور... ماذا جرى لتتصل بي في وقت مبكر كهذا...؟!
لقد تحدثت معي سكرتيرة رياض الصباغ واخبرتني بأنه سيصل الى البلاد فجر اليوم...قلت ان اخبرك اذا ما كنت تريدين ان تقابليه من اجل المشروع الذي سيجمعنا قريبا..
قفزت من مكانها ما ان سمعت ما قاله وقالت:
ماذا تقول..؟! وصل فجر اليوم... بالطبع اريد مقابلته... ألا تعلم أهمية هذا المشروع بالنسبة لي...؟!

ابتسم اياد على حماسها ليهتف بجدية:
اذا تجهزي للقاء المنتظر... سأكون عندك في تمام الساعة التاسعة صباحا...
اغلقت شمس هاتفها ثم نهضت من مكانها وهي تستعد لاختيار الملابس المناسب لمقابلة شريكها الجديد...

استيقظ من نومه صباحا على صوت والدته...
تأفف بضيق وهو ينهض من فوق سريره ويسارع لارتداء ملابسه فقد تأخر على عمله...
ارتدى ملابسه ووضع عطره ثم هم بالخروج من الغرفة حينما رأى والدته في وجهه...
تأخرت على عملك يا بني أليس كذلك...؟!
لماذا لم توقظني مبكرا...؟!

وجدتك متعبا فقلت لاتركك تستريح قليلا...
زفر انفاسه بضيق وقال:
لماذا يا امي...؟! انت تعلمين بأنه لا يجب ان اتأخر على عملي اطلاقا...
رائد بني...انت تجهد نفسك كثيرا في عملك...الى متى سوف تبقى هكذا...؟! فكر في نفسك...لقد تعديت الاربعين من عمرك وما زلت عازبا...
هل سوف نعيد نفس الاسطوانة من جديد...؟!

قالها بملل من هذه الاسطوانة التي تتكرر بشكل يومي...
كما تريد... لكن تذكر انك تضيع سنوات عمرك هباءا بسبب ماضي لا ذنب لك فيه...
تنهد بنفاذ صبر ثم تحرك خارجا من المنزل متجها الى عمله..
اخذ يقود سيارته متجها الى الشركة التي يعمل بها حينما عادت الذكريات الى رأسه من جديد...

كان قد مر على وفاة عمه اكثر من شهر...شهر تأقلمت به شمس مع الخبر واستطاعت تقبل خبر فقدان والدها... بدأت دراستها وانشغلت معظم الوقت في مذاكرة دروسها... كانت لا ترى رائد الا على مائدة الطعام فهو يقضي معظم وقته في عمله وحينما يعود مساءا يبيت في غرفة نهى...
مرت الايام والوضع ذاته... شمس تعودت على البقاء بمفردها لاغلب الوقت... اما رائد فكان يرغب في رؤيتها والاطمئنان عليها ولكن شعوره بالخجل مما حدث وتصرفه معها نأى به عنها...

وفي احد الايام التقيا سويا امام الباب الخارجي للمنزل حيث عادت شمس من المدرسة في الوقت ذاته الذي عاد به رائد من عمله...
تطلعت شمس اليه بلا مبالاة وعبرت امامه حينما وجدت رائد يقبض على ذراعها قائلا بنبرة قوية:
توقفي...
ماذا حدث...؟!

قالتها شمس وهي تتأفف بضيق ليجيبها هادرا بها:
أين ذهبت بعد المدرسة...؟! الساعة تعدت الخامسة عصرا...
اجابته وهي تزفر انفاسها بملل:
كنت مع اياد...
اتسعت عيناه بصدمة مما قالته ليقبض على ذراعها مرة اخرى قائلا بصوت غاضب:
ألم اخبرك مسبقا ألا تلتقي بهذا الحقير مرة اخرى...؟!

انا حرة فيما افعل... ولا تقل عنه حقير مرة اخرى...
قالتها بضيق واضح جعلته يكز على اسنانه وهو يصيح بها:
انت لست بحرة يا شمس... انت زوجتي...
زوجتك حسب مزاجك... أليس كذلك...؟!
صعق بشدة من كلامها وجرئتها ليرد بذهول:
ما هذا الكلام يا شمس...؟! ماذا تقصدين بحسب مزاجك...؟!

انت تفهم جيدا ما اعنيه...
قالتها بنبرة ذات مغزى جعلته عاجزا عن الرد...يبدو ان الصغيرة لديها انياب وباتت تعرف كيف تستعملها...
تحدث اخيرا بصوت حاد قوي:
كلامي واضح يا شمس... لاخر مرة احذرك... ممنوع الخروج من المنزل دون اذن مني... اما هذا اياد فلا يحق لك مقابلته مهما حدث...
ماذا تظن نفسك بفاعل...؟! هل تحاول حبسي...؟!

اعتصر قبضتي يده بقوة ثم ما لبث ان قال بجدية:
اذا كنت تستحقين هذا فلا بأس من حبسك...
ثم اردف ببرود:
والان ادخلي الى منزلك... ولا تثرثري كثيرا... كلامي واضح جدا... ولا يحتاج الى نقاش منا...
ضربت شمس الارض بقدميها ثم تحركت مبتعدة من امامه...

افاق رائد من ذكرياته على صوت تزمير السيارات من خلفه بعدما تحول لون اشارة للمرور للاخضر...
ادار مقود سيارته متجها الى عمله محاولا نفض تلك الافكار والذكريات من رأسه...

وقفت شمس امام سكرتيرة رياض الصباغ وبجانبها اياد...
نهضت السكرتيرة من مكانها مرحبة بهما قبل ان تطلب منهمل الولوج الى الداخل حيث مكتب السيد رياض...
تقدمت شمس الى داخل مكتبه وولجت الى الداخل حينما نهض رياض من مكانه مرحبا بها وبإياد...
تقدم رياض ناحيتهما ومد يده نحو شمس التي وضعت كف يدها في يده وردت تحيته بابتسامة عملية متكلفة...
وفعل مع اياد المثل...

جلس الجميع على طاولة الاجتماعات وبدؤا في التحدث بامور الصفقة...
مرت اكثر من ساعة وحديثهم ما زال مستمرا...
في هذه الاثناء دلف احد الموظفين الى مكتب رياض...
تحدث رياض بصوت جاد:
تعال يا رائد...لقد بدئنا الاجتماع منذ حوالي ساعة...

رفعت شمس بصرها بسرعة نحو الشخص الذي تحدث معه رياض لتنصدم برائد امامها...
تجمدت كليا وهي تراه وجها لوجه ولم تكن صدمة رائد اقل منها...
تحدث رياض غير منتبه للصدمة التي علت وجوه الثلاث حتى اياد:
اقدم لكما رائد... احد اهم موظفي الشركة...
ثم التفت الى رائد الذي استطاع ابتلاع صدمته اخيرا وقال:
رائد..دعني اعرفك على السيدة شمس والسيد اياد..شركائي في الصفقة الجديدة..

بالكاد استطاع رائد القاء التحية عليهما ثم جلس بجانب رياض منتبها الى حديثه...
انتهى الاجتماع بعد حوالي نصف ساعة لينهض رائد من مكانه بسرعة خارجا من مكتب رياض بعدما استأذن شمس بينما تحدث رياض قائلا:
غدا توجد حفلة بمناسبة افتتاح شركتي الجديدة...اتمنى منكما الحضور..
سوف اكون موجوده بالتأكيد...

قالتها بجدية قبل ان تتحرك مبتعدة من امامه يتبعها اياد...
ما ان خرجا من مكتب رياض حتى التفتت نحو اياد وقالت:
اذهب انت لوحدك..انا لدي مشوار مهم...
لم يرد اياد ان يحرجها ويسالها عن مشوارها فقرر الانصياع لها والخروج من الشركة...
بينما تحركت شمس متجهة الى مكتب رائد بعدما سألت السكرتيرة عنه...

توقفت امام باب المكتب وهي تشعر بتردد شديدفي الدخول اليه...
لقد مرت فترة طويلة على اخر لقاء بينهما وهي الان غير مستعدة له بتاتا...
لا تعرف كيف طاوعها جسدها وجلبها الى هنا...
همت بالتحرك مبتعدة عن المكان باكمله هاربة من لقاء لا تريده حينما شعرت بيد غليظة تمسك بها وتجرها الى داخل المكتب...

يتبع....

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك