رواية عروس الثأر للكاتبة سارة علي الفصل الرابع


ماذا تريد؟!
سألته فرح وقد اختفت صدمتها تدريجيا وحل محلها البرود واللامبالاة...
اجابها ادهم بنبرة ساخطة: جئت لأراكِ واتحدث معك بشأن موضوع خطبتنا...
زفرت فرح أنفاسها بقوة وقالت: تفضل، قل ما لديك...
هل سنتحدث هنا؟!
سألها وهو يشير الى المكان حوله بنظرة دونية لتسأله بسخرية: وما به المكان هنا؟! آه صحيح نسيت أنك غير معتاد سوى على ارتياد الأماكن الراقية الحديثة...

تشنجت ملامح وجهه حينما قال من بين أسنانه: من المنطق ان نجلس في مكان هادئ لنتحدث...
مطت فرح شفتيها وقالت بإستياء: ولكنني لا استطيع الذهاب معك الى اي مكان عام لوحدنا، ماذا سيقول الناس عني حينما يروني مع شخص غريب؟!
تأفف ادهم بضيق واضح جعل فرح ترغب في الانقضاض عليه وخرمشة وجهه الوسيم، تحدث ادهم اخيرا بعدم اقتناع: حسنا، سنتحدث هنا، امري لله فلا حل اخر امامي...

ابتسمت فرح بإنتصار ثم قالت وهي تخفي ابتسامتها بسرعة: قل ما لديك، اسمعك...
تنهد أدهم وقال: انت تعلمين بإننا يجب ان نتزوج بأقرب وقت، بسبب ما حدث ومحاولة قتلكم لأخي...
شدد على حروف كلماته الاخير لترد فرح عليه بنبرتها القوية: وما حدث بالماضي وقتل والدك لعمي...
قال ادهم بحدة وغلظة: أبي ليس قاتلا...

لكنها ردت بعناد: بل هو كذلك، والجميع يعرف هذا، وكل ما حدث ويحدث الان بسببه...
اسمعيني يا هذه، اياكي ان أسمعك وانت تتحدثين بهذه الطريقة عن والدي مرة اخرى، هل فهمت؟!
كان يبدو عصبيا حادا في حديثه بشكل أرهبها للحظات و جعلها تشعر بأنها تجاوزت حدودها لكنها سيطرت على نفسها وهي ترد: لا تتأمر علي، انا لست بعاملة لديك لتتحدث معي بهذه الطريقة...

كز على أسنانه بغيظ منها وقال بنفس نبرته العصبية: انت مملة للغاية، هل تعلمين هذا؟!
منحته ابتسامة تهكمية وقالت: مملة مع المغرورين امثالك...
اخذ نفسا عميقا وقال بنفاذ صبر: يا الهي، يبدو ان اليوم لن يمر بخير...
ثم اشار لها قائلا بتحذير: اسمعيني يا فتاة، انا لست بفاضِ لسماع احاديثك السخيفة، لقد جئت هنا لأتحدث معك في بعض الامور المهمة...
رفعت اصبعها في وجهه وقالت محذرة اياه: اسمعني جيدا، انا لا اسمح لك بأن تتحدث معي بهذه الطريقة.، أحاديثي ليست بسخيفة، هل فهمت؟!
اللعنة...

ثم أطلق شتيمة قوية جعلت عيناها تتسع لا اراديا من وقاحته...
اما هو فقال اخيرا بعدما فقد كل ذرة صبر لديه: اسمعيني يا هذه...
قاطعته: اسمي فرح...
رد بجمود: اسمعيني يا فرح...

وقبل ان يكمل حديثه ويقول ما لديه كان هاتفه يرن، اخرج هاتفه من جيبه فوجد أبيه يتصل به، ضغط على زر الاجابة واجابه قائلا: نعم بابا، ماذا هناك؟!
جاءه صوت أبيع قائلا بعجلة: ادهم تعال فورا...
انا في القرية ابي...
رد الاب بسرعةة: اعلم، ولكن يجب ان تأتي حالا وإياك ان تخبر الفتاة بأي شيء، هل سمعت؟!
تطلع أدهم الى فرح التي أشاحت وجهها بعيدا عنه ليقول منهيا المكالمة: حسنا، كما تريد...

ثم اغلق هاتفه ووضعه في جيبه وتحرك خارج المزرعة دون ان يتحدث مع فرح التي ضربت الارض بقدميها وهي تهتف بعصبية: الوقح عديم الاخلاق...
اما أدهم فقد ركب سيارته واتجه الى المدينة وتحديدا الى الشركة.، وصل الى هناك بعد عدة ساعات وذهب متعجلا الى مكتب والده، دلف اليه وقال متسائلا بحنق: مالذي تريده مني بابا؟! وكيف عرفت بأنني سأتحدث مع فرح؟!
اجلس اولا...

أمره الاب ليجلس أدهم على الكرسي المقابل له بينما اكمل الاب بجدية: أسامة هو من أخبرني بأمر ذهابك الى هناك...
هز أدهم رأسه بتفهم ثم تسائل: ولماذا طلبت مني العودة فورا؟!
اجابه الاب: طلبت منك هذا حتى لا تخرب الزيجة بأفعالك المتهورة...
ماذا تقصد؟!

سأله ادهم بحيرة ليجيب الاب بنفس جديته: انا اعلم ما كنت تنوي قوله للفتاة، وأحذرك من هذا يا ادهم...
رد أدهم ناكرا كل ما قاله والده: انا اردت رؤيتها فقط والتعرف عليها...
هل تراني غبي يا هذا؟! انا اعرف جيدا ما كنت تريد قوله لها، واحذرك يا ادهم من هذا، انت ستتزوج الفتاة على سنة الله ورسوله، ستتمم زواجك بها وتعاملها بأفضل شكل ممكن، هل فهمت.؟!

ابتلع ادهم ريقه وقال بعد تردد: فهمت...
تمتم الاب براحة: جيد...
ثم اردف متسائلا: كيف وجدت الفتاة؟!
اجابه أدهم: جيدة...
عاد الاب وسأله: بماذا تحدثتم؟!
ابتسم ادهم ساخرا واجاب: لم نلحق ان نتحدث أبي.، لقد قاطعتنا في الوقت المناسب...

صحح الاب ما قاله: تقصد أنني أنقذتك في الوقت المناسب...
سأله أدهم مغيرا الموضوع: متى سيعود عمي مصطفى من أمريكا؟!
اجابه الاب: اتركه هناك، لن اطلب منه العودة حتى تتم الزيجة، انت تعرف مدى كرهه لعائلة زهران، وجوده سيسبب مشاكل كثيرة لنا...
هز ادهم رأسه بتفهم ثم نهض من مكانه وقال: انا سأذهب الى مكتبي، هل تريد شيئا اخر مني؟!
بالطبع، اريدك ان تتحدث مع والدتك وتقعنها بأمر هذه الزيجة...
حينما أراها ليلا سأتحدث معها...

اعترض الاب: الان، تحدث معها الان...
اومأ أدهم برأسه ثم قال على مضغ: كما تريد، سأتحدث معها الان...
ثم خرج من مكتب والده متجها الى مكتبه، جلس عليه وبدأ يعمل على بعض الملفات الخاصة بعمله حينما سمع طرقات على باب الغرفة يتبعها دخول إمرأة الى مكتبه...
شيرين...

قالها أدهم بسرعة وهو ينهض من مكانه ويستقبلها مرحبا به: اهلا بك...
ابتسمت شيرين وقالت متسائلة: كيف حالك ادهم؟!
اجابها ادهم وهو يتفحص منظرها المرهق: بخير...
سألها بقلق: وماذا عنك؟! هل انت بخير؟!
اومأت رأسها دون ان ترد ليقول وهو يشير الى الكراسي المقابلة لمكتبه: تعالي نجلس هناك ونتحدث...
جلست شيرين على احد الكرسيين وجلس ادهم على الكرسي الاخر المقابل له...
ماذا تحبين ان تشربي؟!

سألها أدهم لتهز رأسه نفيا وهي تجيب بصوتها الخافت: شكرا، لا اريد شيء...
شعر أدهم بترددها عن قول شيء ما فقال مشجعا: تحدثي يا شيرين، أنا أسمعك...
ابتلعت شيرين ريقها وقالت بتردد: أدهم يسأل عنك كثيرا...

رد أدهم بسرعة: كيف حاله.؟! شيرين انا اعرف بأنني لم اره منذ وقت طويل ومقصر معه كثيرا، لكن صدقيني ما حدث في الاونه الاخيرة منعني عن زيارته...
قاطعته: انا لا الومك ابدا، اعرف ان لديك التزامات كثيرة و..
قاطعها شارحا لها موقفه: أسامة أصيب برصاصة في صدره...
ماذا؟!

صرخت بعدم تصديق قبل ان تسأله بلهفة: متى وكيف.؟!
اجابها أدهم موضحا لها ما حدث.، شرح لها تفاصيل اصابته...
وماذا ستفعلون الان؟!
تنهد أدهم وهو يجيبها: هذه قصة طويلة، سأشرحها لك حينما أراك في المنزل...
متى ستزورنا اذا؟!
الليلة باذن الله، لقد اشتقت لأدهم كثيرا...
وهو ايضا يشتاق لك كثيرا...

ابتسمت براحة ثم قالت وهي تنهض من مكانها: الحمد لله على سلامة أسامة مرة مرة اخرى، تمنياتي له بالشفاء العاجل...
منحها أدهم إبتسامة خفيفة وقال: اشكرك كثيرا...
ثم اردف بعدها: لا تخبري أدهم بأني سأاتي، دعيها مفاجئة له...
حاضر، مع السلامة...
قالتها بسعادة لاحظها هو ثم ما لبثت ان خرجت من مكتبه ليتنهد هو بقوة ويعود الى مكتبه ويحمل هاتفه ومفتاح سيارته متجها هو الاخر الى منزله للحديث مع والدته...

كانت أسما جالسة على الكنبة في صالة الجلوس تقلب في احدى المجلات حينما دلفت ألاء الى الداخل واتجهت نحوها جالسة امامها...
لم ترفع أسما بصرها عن المجلة بينما تنحنت ألاء مصدرة صوتا يدل على وجودها...
ماما ارجوكِ...
قاطعتها أسما بعصبية: انا لست بأم أحد...
ماما لماذا تفعلين هذا؟! مالذي فعلته لأستحق هذه المعاملة منك؟!

رمت أسما المجلة على الطاولة ونهضت من مكانها قائلة بنفس العصبية والغضب: وتتسائلين ايضا عما فعلتي.، !!! ألا تدركين حجم ما فعلتيه يا انسة ألاء؟!
ابتلعت ألاء ريقها وقالت: ماما اسمعيني، انا كنت مجبرة على الموافقة، لم يكن امامي حلا اخر...
قالت أسما بأسى مفتعل: حقا، !!! أيتها المسكينة...

ثم اردفت بنبرة ذات مغزى: انا اعرف جيدا ان هناك سبب لموافقتك، انتِ لا تفعلين شيئا لوجه الله هكذا، هناك بالتأكيد سبب لموافقتك...
اخفضت ألاء بصرها وقالت بوداعة شديدة: ماما لماذا تقولين هذا؟! ألا تعلمين حجم حبي لأبي و...
قاطعتها أسما بعصبية: ألاء لا تكذبي، انا والدتك واكثر من يفهمك، اخبريني الان، ماذا ستأخذين من والدك مقابل هذه الزيجة؟!
رفعت ألاء نظراتها المترددة نحو والدتها التي قالت بإصرار: تحدثي...

زمت ألاء شفتيها بعبوس ثم قالت بصوت متلكأ: لقد وعدني بابا بأنه سيؤسس لي شركة العطور وادوات التجميل التي اريدها..
تطلعت اليها والدتها بنظرات نافرة فنهضت ألاء من مكانها وقالت بترجي: ماما قولي شيئا، ارجوك...
ردت أسما بعصبية: ماذا سأقول؟! لقد اخترتي وانتهى الامر...

ماما ارجوكِ، لا تفعلي هذا بي، انت تعلمين اهمية هذا المشروع بالنسبة لي، وبابا ما كان ليحققه لي لولا موافقتي على هذه الزيجة...
ابنتي ، هل انت واعية لما تفعلينه؟! هذا زواج وليس لعبة كما تظنين، عليك بأن تفكري جيدا قبل اتخاذ قرار مهم كهذا...
كانت أسما تتحدث بنبرة هادئة للغاية تناقض عصبيتها المفرطة منذ قليل محاولة منها لتذكير ابنتها بحقيقة ما ينتظرها...

صمتت أسما لوهلة قبل ان تكمل بجدية: انت ستتزوجين من شخص لا تعرفينه، شخص يختلف عنك في كل شيء، سوف تعيشين معه في قريته، وتتقيدين بعاداته، هل انتِ قادرة على هذا؟!
تطلعت أادلاء اليها بحيرة قبل ان تقول اخيرا: نعم انا قادرة على هذا...
حسنا يبدو انكِ اتخذتي قرارك وانتهى الامر...

قالتها أسما بخيبة من اصرار ابنتها على الاستمرار في هذه الزيجة، في هذه الاثناء دلف ادهم الى الداخل.، القى التحية ثم اقترب من والدته وطبع قبلة على وجنتها قائلا: هل ما زالت حلوتي متضايقة مني.؟!
نهضت ألاء من مكانها واتجهت خارج المكان دون ان ترد التحية حتى بينما اشاحت أسما وجهها الى الجهة الاخرى وقالت بضيق: ابتعد عني يا أدهم، كلامك هذا لن يؤثر بي...

احاطها أدهم من كتفيها وقال محاولا استرضائها: ست الكل، انت الاساس ونحن لا نقدر على مضايقتك واغضابك...
ولكنكم فعلتم...
قالتها بحزن كبير ليرد أدهم بجدية: فكري في مصلحتنا امي، صدقيني هذا افضل حل لأنهاء الثأر بين العائلتين...
ابتعدت أسما عنه وتوجهت نحو الكنبة.، جلست عليها وقالت وقد بدأت الدموع تهطل من عينيها: لماذا عليَّ ان أزوج اولادي بهذه الطريقة؟! لماذا ارضى بشيء كهذا؟!

حك ادهم ذقنه بحيرة فهو لا يعرف كيف يتعامل بمواقف كهذه، كانت تلك المرة الاولى التي يرى بها أمه تبكي بهذا الشكل، فأمه كانت دائما قوية مسيطرة لا تهطل دموعها إلا لسبب قوي، أن يرى دموعها هكذا معناه ان والدته تمر بفترة عصيبة.، ولن تتحمل شيء كهذا...
اقترب أدهم منها وجلس بجانبها على الكنبة.، أحاطها مرة اخرى من كتفيها وقال بنبرة مواسية: ارجوكِ ماما لا تفعلي هذا.، ان تعرفين مقدار حبنا لكِ...
تحدثت أسما من بين دموعها: لو كنت تحبني ما كنت لتوافق على هذه الزيجة...

ثم اخذت تمسح دموعها بظاهر كفها وتقول: اختك وعلمت سبب موافقتها، ولكن ماذا عنك؟! هل عرض والدك عليك المال ايضا؟!
صمت ادهم لوهلة يفكر في حديث والدته وما قالته قبل لحظات ليقول اخيرا: ماذا تقصدين من اجل المال؟! هل عرض والدي المال على ألاء لتوافق؟!
ارتبكت أسما وشعرت بأنها وقعت في الخطأ فقالت محاولة تغيير الموضوع: اخبرني والدك بأنك ذهبت الى القرية، هل رأيت الفتاة؟!

الا ان أدهم كان مصرا على معرفة ما دار من وراء ظهره فعاد يسأل بإصرار: ماما لا تغيري الموضوع، أخبريني بصراحة، ماذا أعطى والدي لألاء كي توافق على هذه الزيجة؟!
اجابته أسما بنبرة مترددة مضطربة: لقد اخبرها بأنه سيؤسس لها شركة العطور وادوات التجميل التي تريدها...
ابتسامة تهكمية ارتسمت على شفتيه وهو يقول: كنت اعلم ان وراء موافقتها سر ما...

الا ان الام عارضته بنفس السخرية: وكأنك تختلف عنها، ماذا يا ترى عرض والدك عليك لتوافق؟!
مسك أدهم يدها محتضنا اياها وقال بمراوغة: ما رأيك ان تخبريني بمخططاتك لزواجي؟!
هل تمزح معي يا ادهم؟! أي زواج بالله عليك؟!
قالتها وهي تشيح وجهها بضيق ليتنهد أدهم وينهض من مكانه خارجا من المكان تاركا إياها لوحدها...

دلف أدهم الى غرفة أسامة...
وجده جالسا على سريره يعمل على حاسوبه الشخصي...
اقترب منه ووقف بجانبه متسائلا: ماذا تفعل؟!
اجابه أسامه وهو يغلق حاسوبه: العب...
ظننتك تدرس...

قالها أدهم وهو يخلع سترته ويرميها على السرير ثم يجلس بجانبها أسامة الذي اعتدل في جلسته...
سأله أسامة بفضول: ماذا حدث معك؟! اخبرني، كيف كانت عروسك؟!
لن تتخيل من هي...
هل أعرفها.؟!

سأله أسامة بدهشة ليومأ أدهم برأسه ويجيبه: خطيبتي هي نفسها راعية الغنم التي سبق وكدت أصدمها بسيارته...
قفز أسامة من مكانه مقتربا من أدهم قائلا بعدم تصديق: هل هذه مزحة يا أدهم؟!
قال أدهم بتأسف: ليتها كانت مزحة بالفعل...
انها حقا صدفة غريبة...
قالها أسامة بدهشة قبل ان يتسائل مرة اخرى: وماذا فعلت معها؟!

اخذ أدهم يسرد على مسامعه ما حدث بينه وبين فرح، انتهى ادهم من حديثه ليجد أسامة يقول بصوت ساخر: في المرة الاولى كانت ترعى الغنم، وبعدها تتسلق الأشجار، اخاف ان تأتيكِ في المرة الثالثة وهي راكبة على حمار...
اخرس...
هدر به أدهم بعنف جعلت الاخير يكتم ضحكته التي وصلت الى أذنيه...
هل تمزح معي بينما أنا أشتعل غضبا؟!

اخيرا استطاع ان يسيطر على ضحكاته فقال وهو يبتسم بخفوت: حسنا انا اسف.، اخبرني الان، ماذا تنوي ان تفعل معها؟!
عاد ادهم بذاكرته الى الخلف وهو يتذكر لقاءه العابر معها، لقاء لم يجنِ منه شيئا سوى المزيد من الحيرة والضياع، فعروسه ليست بهينة كما كان يظن...
تحدث اخيرا بعدما جمع افكاره: هذه الفتاة بحاجة الى اعادة تأهيل حتى تليق بي كعروس، لذا فأنني سأتولى هذه المهمة.، وأول شيء سأقوم به قص لسانها الطويل...

مساءا...
وقف أدهم أمام باب شقة شيرين، ضغط على جرس الباب لتفتحه له بعد لحظات، تأملته شيرين وهو يحمل العديد من الاكياس بينما يقول لها بأبتسامة: مرحبا...
ردت شيرين تحيته قائلة: اهلا، تفضل..
دلف أدهم الى الداخل ووضع الأكياس على المنضدة حينما ركض نحوه طفل صغير ذو اربعة اعوام وهو يصرخ بلهفة شديدة: بابا...

احتضنه أدهم ورفعه نحو الاعلى ثم طبع قبلة على وجنتيه وقال بحب: حبيب بابا، كيف حالك؟!
زم الصغير شفتيه بعبوس وقال بضيق: لماذا تأخرت علي ولم تأتِ وتزرني منذ فترة؟!
اقتربت شيرين منهما وقالت موجهة حديثها لابنها: أدهم حبيبي، دع والدك يرتاح قليلا...
الا ان ادهم عارضها قائلا: دعيه يخبرني بما في قلبه، انا استحق هذا منه...

قالت شيرين بجدية: لقد اخبرته بأنك لم تستطع المجيء بسبب ظرف طارئ...
ابتسم لها أدهم ثم عاد يقبل الصغير من وجنته ويقول: لقد جلبت لك الكثير من الالعاب...
حقا؟!
قالها الصغير وهو ينهض من مكانه ويتجه نحو الاكياس ويخرج ما بها بحماس شديد...
اما شيرين فسألت أدهم: ماذا تشرب؟!

أجابها وهو يخلع سترته: قهوة من فضلك...
نهضت شيرين من مكانها واتجهت الى المطبخ لتعد القهوة بينما نهض أدهم واخذ يلعب مع الصغير...
عادت شيرين بعد لحظات وهي تحمل كوبين من القهوة، ترك أدهم الصغير يلعب لوحده وحمل كوب القهوة خاصته وجلس بجانب شيرين التي حملت الكوب خاصتها وبدئا يتناولان قهوتهما...

تحدثت شيرين متسائلة بنبرة مترددة: ألن تخبرني بما حدث؟!
وضع أدهم كوب قهوته على الطاولة ثم تنهد بصوت مسموع قبل ان يسرد لها ما حدث بالتفصيل والمشاكل التي تجمعهم بعائلة زهران...
يا لها من مشكلة.، وماذا ستفعلون الان؟! كيف ستحلون المشكلة؟!
اجابها أدهم: سأتزوج بإبنتهم...
ماذا؟!

صرخت شيرين بعدم تصديق ليلتفت الصغير نحوها فزعا...
انا اسفة...
قالتها شيرين بإعتذار حقيقي ليربت أدهم على كف يدها قائلا: لا عليك...
ثم اردف بجدية: أعرف بأن ما قلته صادم بالنسبة لك...
نعم صادم بشدة...
قالتها موافقة اياه ليصمت كليهما للحظات قبل ان يقولان بذات الوقت: ادهم...
شيرين...

تحدثي اولا..
قالها أدهم لكنها عارضته: بل قل ما لديك انت اولا..
تحدث ادهم بنبرة جادة: شيرين يجب ان تعلمي بأن زواجي من ابنة عائلة زهران مؤقت، سينتهي بكل تأكيد، كما انه لن يؤثر على علاقتي بك او بأدهم، اطلاقا...
ابتسمت شيرين بفتور ثم قالت: لا تقلق يا ادهم.، انا اعلم جيدا غلاوة أدهم لديك، وأعلم انك لن تتخلى عنه مهما حدث...
ابتسم أدهم براحة ثم نهض من مكانه ليعاود اللعب مع الصغير من جديد...

في صباح اليوم التالي...
في منزل حميد زهران...
كان الجميع يجلس على طاولة الافطار يتناولون طعامهم صباحا...
تحدثت نجلاء الام موجهة حديثها لليلى: ليلى حبيبتي تناولي فطورك بسرعة، حتى لا نتأخر على الصالون...
لقد انتهيت...

قالتها ليلى وهي تنهض من مكانها وتركض بسرعة نحو غرفتها لتتبعها فرح هي الاخرى...
تطلعت ملك الى والدتها وقالت بنبرة مترجية: امي خذيني معكم ارجوكي...
الا ان الام عارضت بصرامة: لقد قلت لا احد يأتي معنا سوى فرح، سوف ارسل لكما نورا لتصفف شعركما وتضع المكياج لكما...
مطت ملك شفتيها بعبوس بينما همست مريم لها: لا تعبسي هكذا...
هزت ملك رأسها على مضغ بينما نهضت نجلاء من مكانها وقالت موجهة حديثها لزوجها: حميد لا تنسى الذهاب لأبي، انه يريد ان يراك...
صباح الخير...

قالها أحدهم بمرح وصوت مرتفع لتنهض ملك بسرعة من مكانها وتركض نحوه وتتعلق بعنقه بينما صرخت مريم هي الاخرى بصوت مليء بالسعادة: مازن...
ركضت مريم نحوه ليحتضنها هي الاخرى بينما وقف حميد ونجلاء يتطلعان اليه بصدمة كبيرة غير مستوعبين بعد انه اصبح هنا...
تقدم مازن نحو والدته بعدما حرر ملك ومريم من بين احضانه، ضمها إليه بقوة بينما استوعبت والدته اخيرا انه هنا ويحتضنها لتشهق باكية بقوة...

اخذ يقبل رأسها ويدها بحب بينما اقترب الاب منه واداره نحوه وضمه إليه بقوة...
جائتا كلا من ليلى وفرح راكضتان نحوه ليحتضنهما مازن بقوة...
بعد انتهاء الجميع من تبادل الاحضان والقبلات جلس الجميع على طاولة الطعام مرة اخرى بينما احتضنت نجلاء الام مازن مرة اخرى...

تحدث الاب اخيرا قائلا: لماذا لم تخبرنا بأنك ستأتي اليوم.؟!
اجابه مازن وهو يتحرر من احضان والدته: اردت ان أفاجئكم...
مفاجئة رائعة...
قالتها فرح بإبتسامة سعيدة ليبتسم لها مازن ويقول: ما اخباركم؟!
كادت ليلى ان ترد الا ان ملك صرخت بها قائلة: الصالون يا ليلى، ستتأخرين عليه...
انتفضت ليلى من مكانها وقالت بسرعة: ماما هيا سنتأخر...
طبعت فرح قبلة على وجنة مازن ثم حملت نفسها ولحقت بوالدتها وليلى.، بينما اخذ مازن يتبادل الحديث مع والده وملك ومريم...

مساءا
دلفت فرح الى غرفة نومها لتجد ليلى جالسة على سريرها تضم يديها الاثنتين الى بعض ورأسها منخفض نحو الأسفل...
تقدمت فرح نحوها بسرعة وقالت لها: هيا ليلى، يجب ان ننزل الى الاسفل، اهل العريس على ابواب الوصول...
رفعت ليلى رأسها نحو الاعلى لتشهق فرح بصدمة، كانت عينيها منتفختين من شدة البكاء ووجها كذلك...
ليلى ما هذا؟! لقد خربتي مكياجك...

نهرتها فرح بإنفعال ثم اتجهت نحو طاولة التجميل واخرجت منها بعض ادوات التجميل...
حملت الادوات وتقدمت نحو ليلى التي اخذت تمسح وجهها بكفي بأناملها لتصرخ بها فرح بشكل أجفلها: توقفي ماذا تفعلين؟! سوف تزيدين الوضع سوءا...
ابعدت ليلى أناملها بسرعة عن وجهها ثم قالت بنبرة متأسفة: أسفة ولكنني لم استطع السيطرة على دموعي...
لا بأس...

قالتها فرح وهي تحاول ان تعدل لها مكياجها...
كانت فرح مستمرة بوضع لمساتها الخاصة على وجه ليلى حينما دلفت ملك وهي تقول بنبرة عجلة: لقد وصل اهل العريس...
قفزت ليلى من مكانها وقالت: يا إلهي لقد تأخرت...
انتظري لحظة...
قالتها فرح وهي تعدل لها أحمر الشفاه بينما اخذت ليلى تسأل ملك: هل ابدو جميلة؟! هل فستاني مهندم بشكل جيد؟!
اجابتها ملك وهي تتطلع اليها بحب: تبدين رائعة...
هيا بإمكانك الخروج...

قالتها فرح بعدما انتهت من وضع المكياج لها لتأخذ ليلى نفسا عميقا قبل ان تتجه خارج الغرفة وتهبط نحو الطابق السفلي حيث ينتظرها عريسها وأهله...
هبطت ليلى درجات السلم واتجهت الى صالة الجلوس الواسعة لتجد الجميع هناك...
جابر وأهله وأهلها، جميعهم في انتظارها، اضافة الى الطبالين الذين يعزفون الموسيقى الشعبية الرائجة...
انطلقت الزغاريد من الجهتين بينما ليلى تتجه نحو جابر وتتأبط ذراعه...
لحظات قليلة وخرج العروسان من المنزل متجهان الى قاعة الحفل يتبعهما الاهل...

في قاعة الحفل...
بدأت الحفلة في تمام الساعة السادسة، دلف العروسان الى القاعة وسط تصفيق الحضور وجلسا في الكوشة المخصصة لهما ثم بدئوا يشغلون الاغاني الراقصة فنهض أقارب العروسين واصدقائهما وبدئا الرقص...
في هذه الاثناء دلفت عائلة الهاشمي الى قاعة الحفل فنهض حميد واخوانه بسرعة يستقبلون اياهم مرحبين بهم...

دلف أدهم يتبع عائلته وهو يجول ببصره ارجاء المكان حينما تسمر في مكانه وهو يرى خطيبته ترقص على احدى الانغام الشعبية مع شاب يراه لأول مرة...
كانت ترقص ببهجة شديدة وهي ترتدي فستان اقل ما يقال عنه انه رائع، كان فستان احمر طويل ذو حمالات رفيعة يلتصق بجسدها من الاعلى ثم يتسع تدريجيا عند الخصر ويستمر في اتساعه نحو الاسفل حتى يصل الى كاحلها، قماش الفستان مطرز بفصوص ماسية حمراء تغطي القماش بالكامل حتى منطقة الخصر ثم تخف تدريجيا تحت هذه المنطقة...

ابتلع ريقه وهو يراها بهذا الشكل المثير حيث شعرها الطويل منسدل بنعومة على ظهرها...
احتدت ملامحه اكثر وهو يراها ترقص بعفوية مع شاب اخر الى جانب الاول...
شعر برغبة كبيرة بخنقها تلك المتسلقة راعية الغنم...
هل تعمدت ان تفعل هذا حتى تغيظه؟! ولكنها لا تعلم بمجيئه...
تقدم أدهم مع عائلته نحو احدى الطاولات القريبة من ساحة الرقص...
جلس بجانب والدته التي سألته بصوت هامس: أين هي؟!
ليجيب أسامة نيابة عنه: تلك التي ترقص مع الشابين...

رمقتها أسما بنظرات مستاءة قبل ان تهتف بعدم تصديق: ما هذا الرقص؟! هل نحن في حفل زفاف شعبي؟!
بينما اقترب أنس هامسا لأيهم: انظر الى حفل زفافهم، يبدو مبهجا للغاية بهذه الاغاني الشعبية، على عكس أعراسنا حيث لا نسمع بها سوى تلك الموسيقى البائسة، لا ينقصنا فيها سوى أن يشغلون لنا ايها الراقدون تحت التراب...

كتم ايهم ضحكة نادرة صدرت عنه بينما أكمل أنس وهو يشير الى فرح: يقال ان تلك زوجة اخيك المستقبلية، تبدو جميلة أليست كذلك؟!
تطلع أيهم الى وجه أمه الغير راضي ووجه أدهم المتشنج ليهمس بنبرة خبيثة: هنيئا لك يا ادهم بعروسك التي سترفع رأسك أمام أصدقائك والعائلة...
اما فرح فوجدت والدتها تقترب منها وتهمس لها قائلة: ابوكي ارسلني لك، يقول انه يجب ان تذهبي وتسلمي على عائلة خطيبك...
نقلت فرح بصرها في ارجاء المكان حينما تسمرت عيناها على ادهم الذي كان يتحدث مع أسامة غير منتبه لها...
همست بضيق وعدم تصديق: مالذي جلبهم الى هنا؟!

ما هذا الكلام الذي تقولينه؟! هيا اذهبي والقي التحية عليهم...
اومأت فرح برأسها على مضغ ثم اتجهت الى الطاولة التي يجلسون عليها...
انتبه أدهم لها وهي تتقدم ناحيتهم وتلقي التحية على والدته التي حييتها ببرود بينما رحب بها والده ترحيبا حارا...
اقتربت فرح منه وحيته بأدب استغربه هو شخصيا ثم حيت بقية اخوته واتجهت نحو طاولة عائلتها وجلست عليها...
اخذ كاظم يتابع الحفل بأنظاره بينما عيناه تتجه لا اراديا ناحية الاء التي تجلس بجانب والدها واضعة قدما فوق الاخرى ترتدي فستانا اسودا طويلا تتابع الحفل بنظراتها العنجهية المتكبرة...

انتظر كاظم ان تنهض وتحيي عائلة كما فعلت فرح مثلهم لكنها لم تفعل الامر الذي ضايقه بشدة...
هي حتى لم تحييه هو وتعاملت معه كأنه شيء غير مرئي...
مما جعله يتوعد لها بالكثير...

كانت ميرا تتأمل مازن الذي يتحدث مع والده وأعمامه بنظرات حالمة حينما شعرت بشخص ما يقترب منها ويهمس بجانب اذنها بشكل اجفلها: كفي عن تأمله، سوف تفضحين نفسك أمامه...
شهقت ميرا بصدمة وتراجعت الى الخلف حينما ضحكت رزان عاليا وهي تقترب منها وتجلس بجانبها قائلة من بين ضحكاتها: منظرك يبدو مضحكا للغاية وانت مجفلة...

نهرتها ميرا بحدة: اخرسي رزان...
وضعت رزان كف يدها على فمها بينما اشاحت ميرا وجهها بضيق...
نهضت فرح من مكانها حينما رن هاتفها، حملته معها واتجهت خارج القاعة وتحديدا في الحديقة الملحقة بالقاعة...
اخذت تحادث مروان أخيها الذي طلب منها ان تصور له الحفل وترسل التصوير إليه...
اغلقت فرح المكالمة معه حينما شعرت بأحدهم يقترب منها من الخلف ويضع قطعة قماش بيضاء على انفها لتفقد وعيها بعد لحظات وتسقط بين يديه فيحملها هو متجها نحو سيارته...

يتبع....

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك