عبر العديد من الثقافات اعتبر البشر أن الدم مادة لها خصائص متجددة ، كان هذا قبل وقت طويل من تحول عمليات نقل الدم إلى شكل مجدي من أشكال العلاج الطبي ، إن فكرة نقل دم جديد إلى شخص مريض لاستعادة صحته فكرة قديمة جدًا ، ولكنها لم تترجم إلى الواقع إلا في عصرنا الحديث.ففي عالم الأسطورة تبلورت تلك القصة وظهرت في الأوديسه على سبيل المثال ، حينما قام أوديسيوس بتنشيط أرواح مؤقتة في العالم السفلي حتى يسمح لهم بالتواصل معه ، وذلك من خلال إعطائهم دم حيوان ضحية ، وكان هذا هو النوع البدائي من ثقافة نقل الدم .أما عن فكرة ظهور نقل الدم الفعلية فقد كان الفضل فيها للتقدمان العلميان اللذان جعلا نقل الدم علاج طبي يمكن تصوره ، وهما وصف ويليام هارفي الرائد لدورة الدم عبر الجسم عام 1628م ، واختراع كريستوفر رين لحقنة تأخذ عن طريق الوريد عام 1659م .بعدها تم تطبيق الفكرة وبدأ الأطباء في إنجلترا وفرنسا بإجراء عمليات نقل الدم بين الحيوانات ، ففي عام 1666م أجرى الطبيب الإنجليزي ريتشارد لوار أول عملية نقل دم ناجحة بين الحيوانات ، وبعدها بعامٍ واحد تم إجراء أول عملية نقل دم مباشرة إلى الإنسان في يونيو 1667م من قبل الطبيب باتيست دينيس عندما أعطى شابًا محمومًا حوالي 12 أوقية من الدم المأخوذ من جسم خروف .تعافى الشاب بعدها سريعًا فأجرى دينيس عملية نقل أخرى بدا أنها ناجحة أيضًا ، ولكن عمليات نقل الدم الثالثة والرابعة التي أجراها لم تلق نفس النجاح ، فقد توفي المريض الثالث بعد العملية بوقت قصير بينما توفي المريض الرابع أثناء عملية نقل الدم ، واتهمت فيها زوجة المريض الطبيب دينيس بالقتل .فتم محاكمته وتبرئته من الجريمة ولكن المحكمة حظرت حينها عمليات نقل الدم ، وسرعان ما مرر البرلمان الفرنسي والكنيسة الكاثوليكية والجمعية الملكية قرار الحظر على عمليات نقل الدم ، فتوقف تمامًا في الطب السائد حتى منتصف القرن التاسع عشر .فلم يكن هناك وسيلة لإجراء عملية نقل الدم بأمان قبل اكتشاف كارل لاندستايز لأنواع الدم المختلفة في عام 1900م وصولًا إلى التطورات التي حدثت عام 2001م ، فقد تبين أن خلط نوعين غير متوافقين من الدم قد يؤدي إلى استجابة مناعية يمكن أن تكون قاتلة ، ولعل هذا كان السبب خلف وفاة أحد أو كلا مرضى دينيس ولكننا لا نستطيع الجزم بذلك .