هارون
الرشيد هو واحد من أشهر الخلفاء العباسيين ، وجده هو الخليفة العباسي أبو جعفر
المنصور ، واسم هارون الرشيد بالكامل هو أبو جعفر هارون بن محمد بن أبي جعفر
المنصور ، وقد اشتهر هارون الرشيد بتوسع الدولة الإسلامية وازدهارها في عهده في كل
المجالات منها العلوم والعلوم الدينية والشرعية والأدب والثقافة .وقد أسس
الخليفة هارون الرشيد مكتبة شهيرة في بغداد تسمى بيت الحكمة وهي تعد أول دار علمية
في الحضارة الإسلامية ، كما اهتم الرشيد بتقريب العلماء منه ، وعلى عكس ما تداولته
بعض المصادر عنه من أنه كان زنديق ، كان الخليفة هارون الرشيد يهتم بمعرفة الرأي
الشرعي في كثير من المسائل ، حتى أنه كلف القاضي أبو يوسف ، بوضع كتاب يسرد فيه أهم
الأموال عن مالية الدولة وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية ، واسم هذا الكتاب
“الخراج” وهو من أعظم الكتب التي وضعت في هذا المجال .قصة هارون الرشيد مع بهلول:وكان هناك شاعرًا عاش في عهد يسمى أبو وهب بن عمرو الصيرفي الهاشمي العباسي الكوفي ، وقيل أن بهلول أصيب بالجنون ، ولازم القبور ، وفي أحد الأيام مر الخليفة هارون الرشيد على بهلول وهو جالس أمام أحد القبور ، فقال له الخليفة ” يا بهلول يا مجنون متى تعقل ؟ ” ولكن الخليفة تفاجأ برد بهلول !فقد ركض
نحو شجرة قريبة وصعد إلى أعلاها ، وقال بأعلى صوته ” يا هارون يا مجنون ، متى
تعقل ؟ ” فتحرك الخليفة بجواده حتى وصل إلى الشجرة التي يجلس عليها بهلول ،
وقال له ” هل أنا المجنون أم أنت ، يا من يجلس على المقابر ؟ فقال بهلول
“بل أنا عاقل ” .فقال له
الخليفة ، وكيف ذلك ؟ ، رد عليه بهلول ردًا لم يكن الخليفة يتوقعه من رجل قيل أنه
مجنون ، حيث أشار إلى قصر الرشيد وقال لأني عرفت أن هذا زائل ، وهذا باقِ وأشار
إلى القبر ، وأما أنت فقد عمرت هذا (يقصد القصر) وتركت هذا (يقصد القبر) ، وتكره
أن تنتقل من العمران إلى الخراب مع أنك تعرف أنه مصيرك لا محالة .فاهتز
قلب هارون الرشيد بشدة وبكى حتى ابتلت لحيته ، وقال لبهلول زدني يا بهلول ، فرد
عليه : يكفيك أن تلزم كتاب الله ، فقال الخليفة : هل لك حاجة أقضيها ؟ ، رد عليه
بهلول : هل تستطيع أن تزيد في عمري ، فرد الخليفة لا أقدر، فقال بهلول ، هل تستطيع
أن تمنع ملك الموت عني ، فقال الخليفة لا أقدر ، فرد بهلول ، هل تستطيع أن تبعدني
عن النار وتدخلني الجنة ، فرد الخليفة لا أقدر ، فقال له بهلول : إذن أنت مملوك ولست
ملك ولا حاجة لي عندك .